والشيخ (١) أجاب عنها ، فلنذكر بعض ذلك ليستدلّ على جهل المعترض وركاكة عقله.
ـ زعم أنّ قوله تعالى : (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ)(٢) ، مناقض لقوله تعالى : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً)(٣) وقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ)(٤).
فأجاب الشيخ :
بأنّ المراد بالعلم في الآية الأولى «القرآن» والأدلة ، دون العلم نفسه ؛ لأنه تعالى أطلق العلم ولم يقيّده ، وقد تسمى الحجة علما ، والكتاب علما.
يقال : علم أبي حنيفة ، وعلم الشافعي.
وإذا احتمل ذلك زال التناقض (٥).
ـ ومنها قوله :
إنّ قوله تعالى : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ)(٦) ، ينقض قوله تعالى : (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ)(٧).
فإحدى الآيتين تقتضي أن لا وليّ للكفار ، والثانية تقتضي أنّ لهم وليّا.
__________________
(١) الشيخ هو القاضي عبد الجبار الهمذاني.
(٢) راجع سورة الجاثية : آية ١٧.
(٣) سورة الأنعام : آية ٢٥.
(٤) سورة النحل : آية ١٠٨.
(٥) راجع نهاية الإيجاز ص ٣٨٤.
(٦) سورة الشورى : آية ٤٤.
(٧) سورة النحل : آية ٦٣.