سورة الفاتحة
(بِسْمِ اللهِ).
افتتاح القراءة باسم الله واجب ؛ لقوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)(١) ، فإنّ إعمال الباء يقتضي الحثّ على افتتاح القراءة بالتسمية (٢).
__________________
ـ وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن معقل بن يسار ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول ، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش ، والمفصّل نافلة». المستدرك ١ / ٥٦١.
ـ وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن قال : أنزل الله مائة وأربعة كتب ، أودع علومها أربعة منها : التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، ثم أودع علوم التوراة والإنجيل والزبور الفرقان ، ثم أودع علوم القرآن المفصّل ، ثم أودع المفصّل فاتحة الكتاب.
فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة.
وللفاتحة أحد عشر اسما ، وأنشد ابن رسلان في ذلك :
لفاتحة أسماء عشر وواحد |
|
فأمّ الكتاب والقرآن ووافيه |
صلاة مع الحمد الأساس ورقية |
|
شفاء كذا السبع المثاني وكافيه |
وقد ألّف أبو زيد البلخي كتابا في تفسير الفاتحة.
وقال الفخر الرازي في مقدمة تفسيره : اعلم أنّه مرّ على لساني في بعض الأوقات أنّ هذه السورة الكريمة يمكن أن يستنبط من فوائدها ونفائسها عشرة آلاف مسألة ، فاستعبد هذا بعض الحساد وقوم من أهل الجهل والغي والعناد ، وحملوا ذلك على ما ألفوه من أنفسهم من التعليقات الفارغة من المعاني ، والكلمات الخالية عن تحقيق المعاقد والمباني ، وقدّمت هذه المقدمة لتصير كالتنبيه على أنّ ما ذكرناه أمر ممكن الحصول ، قريب الوصول.
(١) سورة العلق : آية ١.
(٢) قال الجصاص : وقد ورد الأمر بذلك في مواضع من القرآن مصرّحا ، وهو قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) فأمر في افتتاح القراءة بالتسمية ، كما أمر أمام القراءة بتقديم الاستعاذة ، وهو إذا كان خبرا فإنّه يتضمن معنى الأمر ؛ لأنه لما كان معلوما أنّه خبر من الله بأنّه يبدأ باسم الله ففيه أمر لنا بالابتداء به والتبرك بافتتاحه ، لأنّه إنما أخبرنا به لنفعل مثله. راجع أحكام القرآن ١ / ٧.