وتخصيص الملك بيوم الدين للرفع منه والإشادة به كقوله : (رَبِّ الْعَرْشِ)(١).
ولأنه تعالى يملّك في الدنيا بعض العباد ممالك كالعواري المستردة ، وأمّا في الآخرة فالأمر فيها لله وحده.
والصحيح في (إِيَّاكَ) مذهب الأخفش (٢) أنّه اسم موضوع مضمر معرّف غير مضاف (٣) ، والكاف فيه حرف خطاب ولا موضع له من الإعراب ، بمنزلة الكاف في ذلك.
ولهذا لم يكن مشتقا ، لأنّ الأسماء المضمرة لا اشتقاق في شيء منها إلا ما حكي عن الزّجاج (٤) أنه كان يشتقه من الآية ، أي : العلامة. وأن (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)(٥) حقيقتك نعبد.
فقيل له : كيف يكون الاسم المضمر مشتقا؟
فقال : هو مظهر خصّ به المضمر (٦).
__________________
(١) الآية : (فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) من سورة الأنبياء : آية ٤٢.
(٢) سعيد بن مسعدة ، أخذ عن سيبويه وهو أسنّ منه وكان أحذق أصحابه ، وصحب الخليل أولا ، أخذ عنه أبو عمر الجرمي وأبو عثمان المازني. له كتاب «معاني القرآن» وقد طبع مؤخرا ، توفي سنة ٢١٥ ه.
(٣) لأن الكاف من (إياك) حرف خطاب لا موضع لها ، ولا تكون اسما لأنها لو كانت اسما لكانت إيا مضافة إليها ، والمضمرات لا تضاف ، وعند الخليل هي اسم مضمر أضيفت «إيا» إليه ، لأن «إيا» تشبه المظهر لتقدمها على الفعل والفاعل ، ولطولها بكثرة الحروف. اه. راجع التبيان للعكبري ١ / ٧.
(٤) أبو إسحق إبراهيم بن السري ، نسبة لعمله بالزجاج ، قرأ على المبرّد ، وقرأ عليه الزجاجي. وكان من أئمة العربية والنحو له كتاب «معاني القرآن وإعرابه» ، وقد طبع. وكتاب «فعلت وأفعلت». توفي سنة ٣١٦ ه.
(٥) سورة الفاتحة : آية ٤.
(٦) وردّ هذا القول ابن جني في سر صناعة الإعراب ١ / ٣١٦ ، وانظر معاني القرآن للزجاج ١ / ٤٨.