النفقة ، وهم درجات عند الله فأصحاب الوابل أعلاهم درجة ، وهم الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وأصحاب الطلب مقتصدهم.
فمثّل حال القسمين وأعمالهم بالجنة على الربوة ، ونفقتهم الكثيرة بالوابل والطل ، وكما أن كل واحد من المطرين يوجب زكاء ثمر الجنة ونحوه بالأضعاف ، فكذلك نفقتهم كثيرة كانت أو قليلة ، بعد أن صدرت عن ابتغاء مرضاة الله والتثبيت من نفوسهم ، فهي زاكية عند الله نامية مضاعفة.
واختلف في الضعفين. فقيل : ضعفا الشيء مثلاه زائدا عليه ، وضعفه مثله.
وقيل : ضعفه مثلاه وضعفاه ثلاثة أمثاله ، وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله كلما زاد ضعفا زاد مثلا ، والذي حمل هذا القائل على ذلك فراره من استواء دلالة المفرد والتثنية فإنه رأى ضعف الشيء هو مثله الزائد عليه فإذا زاد إلى المثل صار مثلين ، وهما الضعف. فلو قيل : لها ضعفان. لم يكن فرق بين المفرد والمثنى. فالضعفان عنده مثلان مضافان إلى الأصل ، ويلزم من هذا أن يكون ثلاثة أضعافه ثلاثة أمثاله مضافة إلى الأصل. وهكذا أبدا.
والصواب : أن الضعفين هما مثلان فقط ، الأصل ومثله. وعليه يدل قوله تعالى : (فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ) أي مثلين ، وقوله تعالى : ٣٣ : ٣٠ (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) أي مثلين. ولهذا قال في الحسنات : ٣٣ : ٣١ (نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ).
وأما ما توهموه من استواء دلالة المفرد والتثنية فوهم منشؤه ظن أن الضعف هو المثل مع الأصل ، وليس كذلك ، بل المثل له اعتباران : إن اعتبر وحده فهو ضعف ، وان اعتبر مع نظيره فهما ضعفان. والله أعلم.
واختلف في رافع قوله : (فَطَلٌ).