سورة الأنعام
بسم الله الرحمن الرحيم
قول الله تعالى ذكره : (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩))
إن المشركين قالوا تعنتا في كفرهم ٦ : ٨ (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) يعنون ملكا نشاهده ونراه ، يشهد له ويصدقه وإلا فالملك كان ينزل عليه بالوحي من الله. فأجاب الله تعالى عن هذا ، وبين الحكمة في عدم إنزال الملك على الوجه الذي اقترحوه : بأنه لو أنزل ملكا كما اقترحوا ولم يؤمنوا به ويصدقوه ، لعوجلوا بالعذاب كما استمرت به سنته تعالى مع الكفار في آيات الاقتراح ، وإذا جاءتهم ولم يؤمنوا بها. فقال ٦ : ٨ (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) ثم بين سبحانه أنه لو أنزل ملكا كما اقترحوا لما حصل به مقصودهم ، لأنه إن أنزله في صورته لم يقدروا على التلقي عنه ، إذ البشر لا يقدر على مخاطبة الملك ومباشرته. وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو أقوى الخلق ـ إذا نزل عليه الملك كرب لذلك وأخذه البرحاء (١) ، وتحدّر منه العرق في اليوم الشاتي. وإن جعله في صورة رجل حصل لهم لبس : هل هو رجل أم ملك فقال تعالى : ٦ : ٩ (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا
__________________
(١) برحاء الحمر وغيرها بالضم والمد شدة الأذى.