أفئدتهم وأبصارهم حتى يرجعوا إلى ما سبق عليهم من علمي. قال : وهذا كقوله : ٨ : ٢٤ (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ).
وقال آخرون : المعنى : ونقلب أفئدتهم وأبصارهم لتركهم الإيمان به أول مرة ، فعاقبناهم بتقليب أفئدتهم وأبصارهم. وهذا معنى حسن. فإن كاف التشبيه تتضمن نوعا من التعليل. كقوله : (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) وقوله : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) والذي حسن اجتماع التعليل والتشبيه : الإعلام بأن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر.
والتقليب : تحويل الشيء من وجه إلى وجه ، وكان الواجب من مقتضى إنزال الآية ووصولهم إليها كما سألوا : أن يؤمنوا إذ جاءتهم لأنهم رأوها عيانا وعرفوا أدلتها وتحققوا صدقها. فإذا لم يؤمنوا كان ذلك تقليبا لقلوبهم وأبصارهم عن وجهها الذي ينبغي أن تكون عليه. وقد روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد ، يصرفه كيف يشاء ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك» وروى الترمذي من حديث أنس قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. فقلت : يا رسول الله ، آمنا بك وبما جئت به. فهل تخاف علينا؟ قال : إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء» قال الترمذي : هذا حديث حسن. وروى حماد عن أيوب وهشام ويعلى بن زياد عن الحسن قال : قالت عائشة رضي الله عنها : «دعوة كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكثر أن يدعو بها : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. فقلت : يا رسول الله ، دعوة كثيرا ما تدعو بها؟ قال : إنه ليس من عبد إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله. فإذا شاء أن يقيمه أقامه ،