فطريق التخلص من السؤال الأول : بتجريد الإخلاص. وطريق التخلص من السؤال الثاني : بتحقيق المتابعة. وسلامة القلب من إرادة تعارض الإخلاص ومن هوى يعارض الاتباع. فهذا حقيقة سلامة القلب. فمن سلم قلبه ضمنت له النجاة والسعادة.
قول الله تعالى ذكره : (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٩٨))
وهذه التسوية إنما كانت في الحب والتأليه واتباع ما شرعوا ، لا في الخلق والقدرة والربوبية وهي العدل الذي أخبر به عن الكفار ، كقوله : ٦ : ١ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ).
وأصح القولين : أن المعنى : ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ، فيجعلون له عدلا يحبونه ويقدسونه ويعبدونه ، كما يعبدون الله ويعبدونه ، ويعظمون أمره.
وقال في طريق الهجرتين :
وهذه التسوية لم تكن منهم في الأفعال والصفات ، بحيث اعتقدوا أنها مساوية لله سبحانه في أفعاله وصفاته. وإنما كانت تسوية منهم بين الله وبينها في المحبة والعبودية والتعظيم ، مع إقرارهم بالفرق بين الله وبينها. فتصحيح هذه : هو تصحيح شهادة أن لا إله إلّا الله.
فحقيق لمن نصح نفسه ، وأحب سعادتها ونجاتها : أن يتيقظ لهذه المسألة علما وعملا ، وتكون أهم الأشياء عنده ، وأجلّ علومه وأعماله ، فإن الشأن كله فيها ، والمدار كله عليها ، والسؤال يوم القيامة عنها. قال تعالى : ١٥ : ٩٢ ـ ٩٣ (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) قال غير واحد من السلف : هو عن قول «لا إله إلا الله» وهذا حق. فإن السؤال كله عنها ،