كما يقال : مودة صادقة ، إذا كانت ثابتة تامة. وحلاوة صادقة وحملة صادقة. ومنه الكلام الصدق ، لحصول مقصوده منه.
وموضع هذه اللفظة في كلامهم : الصحة والكمال. ومنه : الصدق في الحديث ، والصدق في العمل. والصدّيق : الذي يصدق قوله بالعمل. والصّدق ـ بفتح الصاد والدال ـ الصلب من الرماح ، ويقال للرجل الشجاع : إنه لذو صدق أي صادق الحملة. وهذا مصداق هذا : أي ما يصدّقه. ومنه الصداقة : لصفاء المودة والمخالّة. ومنه : صدقني القتال : وصدقني المودة. ومنه : قدم صدق. ولسان صدق. ومدخل صدق. ومخرج صدق. وذلك كله للحق الثابت المقصود الذي يرغب فيه. بخلاف الكذب الباطل ، الذي لا شيء تحته. وهو لا يتضمن أمرا ثابتا قط.
وفسر قوم «قدم صدق» بالجنة ، وفسرها آخرون بالأعمال التي تنال بها الجنة. وفسر بالسابقة التي سبقت لهم من الله. وفسر بالرسول الذي على يده ، وبهدايته نالوا ذلك.
والتحقيق : أن الجميع حق. فإنهم سبقت لهم من الله الحسنى بتلك السابقة أي بالأسباب التي قدمها لهم على يد رسله ، وادخر لهم جزاءها يوم القيامة. ولسان الصدق : وهو لسان الثناء الصادق بمحاسن الأفعال وجميل الطرائق.
وفي كونه لسان صدق : إشارة إلى مطابقته للواقع ، وأنه ثناء بحق لا بباطل ومدخل الصدق ، ومخرج الصدق : هو المدخل والمخرج الذي يكون صاحبه فيه ضامنا على الله. وهو دخوله وخروجه بالله ولله ، وهذه الدعو من أنفع الدعاء للعبد. فإنه لا يزال داخلا في أمر ، فمتى كان دخوله لله وبالله وخروجه كذلك ، كان قد أدخل مدخل صدق ، وأخرج مخرج صدق ، والله المستعان.