مسألة خلافية بين أهل السنّة.
ولكن ـ يا للأسف ـ انّهم ربما يتعاملون مع الإمامة والخلافة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بغير هذا النحو ، فربما ويُكفرون أو يفسقون من لم يعترف بإمامة الخلفاء عن اجتهاد. ولذلك نرى أنّ إمام الحنابلة ( المتوفّى عام ٢٤١ ه ) يذكر خلافة الخلفاء الأربعة في عداد المسائل العقائدية ١ ، وتبعه أبو جعفر الطحاوي ( المتوفّى عام ٣٢١ ه ) في « العقيدة الطحاوية » ٢ ، وقد تبعهما أكثر من جاء بعدهم كالأشعري ( المتوفّى عام ٣٢٤ ه ) في كتاب « الإبانة » ٣ وعبد القاهر البغدادي ( المتوفّى عام ٤٢٩ ه ) في « الفرق بين الفرق » ٤ ، كلّ ذلك تبعاً لإمام الأشاعرة أو الشيخ الطحاوي الذي أصبح الأخير إماماً للعقيدة في الديار المصرية.
والحقّ هو ما صرّح به عضد الدين الإيجي والتفتازاني من أنّ الإمامة من فروع الدين لا من أُصوله ، وانّ النصب لتحقيق غاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا صلة له بأُصول الدين ، وقد كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبَل إسلام من أسلم واعترف بالشهادتين من دون أن يسأله عن واقع الإمامة ، وانّه هل هو منصب إلهي أو اجتماعي ، ومن دون أن يعلمه بلزوم اجتماع الأُمّة بعد رحيله على نصب إمام لهم ، ولم يكن أي أثر من تلك المباحث في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلذلك لم يتلق أهل السنّة الإمامة والخلافة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمراً أصيلاً من صميم الدين.
نعم أوّل من أدخل خلافة الشيخين في أُصول الدين هو داهية العرب عمرو
__________________
١. كتاب السنَّة : ٤٩.
٢. شرح العقيدة الطحاوية : ٤٧١.
٣. الابانة في أُصول الديانة : ١٩٠ ، الباب ١٦.
٤. الفرق بين الفرق : ٣٥٠.