ابن العاص عند اجتماعه مع أبي موسى الأشعري في دومة الجندل للتشاور في مسألة التحكيم المعروفة ، ولم يكن هدفه من عدّ خلافة الخليفتين من أُصول الإسلام إلاّ الإطاحة بالإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام .
حيث تقدّم عمرو بن العاص بالكلام ، وقال للكاتب : اكتب ، فكتب الشهادة بالتوحيد والرسالة ، ثمّ قال للكاتب : ونشهد انّ أبا بكر خليفة رسول الله ، عمل بكتاب الله وسنّة رسول الله حتى قبضه الله إليه ، وقد أدّى الحق الذي عليه ... ١
فخرجنا بالنتيجة التالية : انّ منصب الإمامة عندهم منصب اجتماعي يُشبه منصبَ رئاسة الجمهورية في الوقت الحاضر ، أو منصب رئاسة الوزراء في الحكومات الملكية أو ما يشبه ذلك ، ولذلك لا يشترط فيه سوى الكفاءة لإدارة البلاد. ولا ينعزل بالفسق والظلم ولا بأكبر من ذلك ، وما هذا إلاّ لأنّه منصب اجتماعي ، وما أكثر الظلم والفسق في أوساط الأمراء ورؤساء الجمهور ، وإن كنت في شكّ من ذلك فاقرأ ما كتبه عظيم الأشاعرة أبوبكر الباقلاني وغيره.
قال الباقلاني ( المتوفّى عام ٤٠٣ ه ) : لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال ، وضرب الأبشار ، وتناول النفوس المحرمة ، وتضييع الحقوق ، وتعطيل الحدود ، ولا يجب الخروج عليه بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي الله. ٢
وليس الباقلاني نسيج وحده في تلك الفكرة ، بل هي فكرة سادت عبر القرون ، تراها في كلمات الآخرين ، يقول التفتازاني :
__________________
١. مروج الذهب : ٢ / ٣٩٧.
٢. التمهيد : ١٨١.