٤. الردّ على الشبهات والتشكيكات التي كان يُلقيها أعداء الإسلام ويوجهونها ضد الدعوة الإسلامية.
٥. الحفاظ على الرسالة الإلهية من أية محاولة تحريفية ، ومن أي دسٍّ في التعاليم المقدسة.
فقد كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقوم بهذه الأُمور معتمداً على الوحي ، فيجب أن يقوم من ناب بها عنه بتعليمٍ غيبيّ حتى لا يطرأ خلل في الحياة الدينيّة.
وعندئذٍ يطرح هذا السؤال نفسه ، وهو إذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قائماً بهذه الوظائف العلمية والفكرية معتمداً على الوحي ، فكيف يقوم غيره مقامه مع انقطاع الوحي والسفارة من الله سبحانه. والإجابة عن هذا واضحة ، فانّ الفيض الإلهي لم يزل يمدُّ عباده الصالحين وإن لم يكونوا رسلاً وأنبياء ، وهذا هو الذي يعبر عنه بالمحدَّث ، فيلهم إليه وإن لم يكن نبياً من عند الله ، وهذا هو مصاحب موسى يعرفه سبحانه بقوله : ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ). ١
فعلى ذلك فالإشراقات الإلهية على قلوب الصالحين لا تلازم النبوة والرسالة ، بل يكفي أن يكون إنساناً مثالياً ، وهذا هو جليس سليمان يصفه سبحانه بقوله : ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي ). ٢
وهذا الجليس لم يكن نبيّاً ، ولكن كان عنده علم من الكتاب ، وهو لم يحصِّله
__________________
١. الكهف : ٦٥.
٢. النمل : ٤٠.