من الطرق العادية بل كان علماً إلهياً أُفيض إليه ، لصفاء قلبه وروحه ولأجل ذلك يَنسب علمه إلى فضل ربه ، ويقول : ( هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي ).
كما تضافرت الروايات على أنّ في الأُمّة الإسلامية ـ كالأُمم الغابرة ـ رجالاً مخلصين محدَّثين تفاض عليهم حقائق من عالم الغيب من دون أن يكونوا أنبياء ، وإن كنت في شكّ من ذلك فارجع إلى ما رواه أهل السنّة في هذا الموضوع :
أخرج البخاري في صحيحه : « لقد كان في من كان قبلكم من بني إسرائيل يُكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أُمّتي منهم أحد فعمر » ١.
قال القسطلاني : ليس قوله : « فان يكن » للترديد بل للتأكيد ، كقولك : إن يكن لي صديق ففلان ، إذ المراد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء.
وإذا ثبت أنّ هذا وجد في غير هذه الأُمّة المفضولة ، فوجوده في هذه الأُمّة الفاضلة أحرى ٢.
وأخرج البخاري في صحيحه أيضاً بعد حديث الغار : عن أبي هريرة مرفوعاً : أنّه قد كان فيما مضى قبلكم من الأُمم محدَّثون ، إن كان في أُمّتي هذه منهم ، فإنّه عمر بن الخطاب ٣.
قال القسطلاني في شرحه : قال المؤلف : يجري على ألسنتهم الصواب من غير نبوّة ٤.
وقال الخطابي : يُلقى الشيء في روعه ، فكأنّه قد حُدِّث به يظن فيصيب ،
__________________
١. صحيح البخاري : ٢ / ١٤٩.
٢. إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري : ٦ / ٩٩.
٣. صحيح البخاري : ٢ / ١٧١.
٤. إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري : ٥ / ٤٣١.