لا يعلمه ذلك ، قلت : فإن أعلمه قال : يعيد » بل أمره بالإعادة في ذيله كالصريح في ذلك ، بل في خلاف ما قاله العلامة في التذكرة أيضا ، لكنه مبني على وجوب إعادة الجاهل وقضائه ، ومن هنا كان الاستدلال به عليه لا يخلو من نظر.
نعم قد يتجه الاستدلال بإشعار النهي فيه عن الاعلام بالقبول لو أعلم على قبول إخبار ذي اليد قبل الاستعمال ، كما أنه قد يتجه الاستدلال بما في الحدائق من أنه ورد النهي عن السؤال في بعض الأخبار (١) الواردة في الجبن ، حيث أنه أعطى الخادم درهما وأمره أن يبتاع به من مسلم جنبا ، ونهاه عن السؤال ، إذ لو لا قبول إخبار ذي اليد المسؤول لم يكن وجه للنهي عنه.
فالأقوى حينئذ القبول حال بقاء العين في يده ، لا إذا خرجت من يده ، اقتصارا فيما خالف الأصل على محل اليقين ، كما أنه ينبغي الاقتصار على المتيقن من ذي اليد وان اختلفت عبارات من تعرض له ، فمنها علقت الحكم على المالك ، ومنها على ذي اليد ، ومنها ما جمعت بينهما لكن بعطف ذي اليد على المالك ، فقالت : يقبل خبر المالك وذي اليد ، وان كان يقوى في النظر عموم القبول لكل مستول على عين شرعا لملك أو وكالة أو إجارة أو أمانة أو ولاية ونحوها ، بل قد يدور في الذهن قبول الغاصب الذي هو كالمتملك عرفا ، لمكان تسلطه وتصرفه على ما في يده نحو ثياب الظلمة وعمالهم وأوانيهم ودورهم وفرشهم ونحوها ، وإن كان أصل استيلائهم عليها بغصب منهم أو آبائهم لها أو لأثمانها ، ضرورة عدم مدخلية الملك أو التسلط الشرعي في قبول القول بالتنجيس ، خصوصا إن قلنا إن منشأه أصالة صدق المسلم وصحة قوله.
بل قد يؤيده جريان السيرة والطريقة في قبول قولهم بالتطهير لو تنجست الأمور المذكورة عندهم ، مع انه لا مدرك له إلا كونهم أصحاب يد.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦١ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٤.