عقلا ، وسنة متواترة ، وإجماعا بقسميه ، وإلى كونه مقدمة لوجوب أداء الأمانة وردها إلى مالكها ، ولا ينافي ذلك جواز الوديعة ، فإن المراد ما دام مستودعا ، أو التخيير بينه ، وبين الرد إلى المالك.
إنما الكلام فيما في المسالك « من أن قبول الوديعة الذي يتفرع عليه حكم الحفظ قد يكون واجبا ، كما إذا كان المودع مضطرا إلى الاستيداع ، فإنه يجب على كل قادر عليها واثق بالحفظ قبولها منه كفاية ، ولو لم يوجد غير واحد تعين عليه الوجوب ، وفي هذين الفردين وجوب الحفظ واضح ، وقد يكون مستحبا مع قدرته وثقته من نفسه بالأمانة ، وكون المودع غير مضطر ، لما فيه من المعاونة على البر الذي أقل مراتب الأمر به الاستحباب ، وقضاء حوائج الاخوان وقد يكون محرما كما إذا كان عاجزا عن الحفظ ، أو غير واثق من نفسه بالأمانة ، لما فيه من التعرض للتفريط في مال الغير ، وهو محرم ، ومثله ما لو تضمن القبول ضررا على المستودع في نفسه أو ماله أو بعض المؤمنين ونحو ذلك ، وبهذا التقسيم يظهر وجوب الحفظ وعدمه ».
وفيه : أن الحفظ إلى أن يرده على المالك على كل حال واجب حتى في الصورة المحرمة التي لا تقتضي فساد عقد الوديعة باعتبار كونها لأمر خارج ، مع أنه قد يناقش في أصل الوجوب فيما فرضه ، لأصالة براءة الذمة من وجوب حفظ مال الغير كما أنه قد يناقش في الحرمة في صورة عدم الوثوق بنفسه ، ضرورة تكليفه بعدم الخيانة ، كما هو واضح والله العالم.
وكيف كان فـ ( لا يلزمه ) أى المستودع دركها لو تلفت من غير تعد فيها ولا تفريط أو أخذت منه قهرا بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى الأصل ، وقاعدة الايتمان المعلوم من الكتاب والسنة والإجماع والعقل عدم استتباعها الضمان.
نعم لو كان هو الساعي في أخذها قهرا منه ، توجه الضمان حينئذ لصدق الخيانة والتفريط معه ، بل ربما ظهر من ثاني المحققين الضمان بمجرد إخباره بها وإن لم