فيما يأتي.
وأما وجوب بذل عين النفقة من الماء المحتاج إلى قيمة والعلف كذلك ، فظاهر الأصحاب المفروغية من وجوب بذلها عليه ، كما في المسالك وغيرها ، بل حكى بعضهم الإجماع عليه تارة ، ونفى الخلاف عنه اخرى ، ولعله كذلك.
لكن على هذا الترتيب وهو التوصل إلى ذلك باستيذان المالك أو وكيله فيه ، فان تعذر رفع أمره إلى الحاكم ، ليأمره به إن شاء أو يستدين عليه ، أو يبيع بعضه للنفقة ، أو ينصب أمينا عليه ، فان تعذر الحاكم أنفق هو ، وأشهد عليه ، ويرجع مع نيته ، ولو تعذر الاشهاد اقتصر على نية الرجوع ، والقول قوله في مقدار النفقة ، كما أن القول قول المالك في مقدار زمانها ، والكلام في اعتبار الاشهاد في وجوب الرجوع وعدمه تقدم في باب المزارعة هذا.
وفي المسالك « وفي حكم الحيوان ، الشجر الذي يفتقر إلى السقي وغيره من الخدمة ، وفي حكم النفقة على الحيوان ما يفتقر إليه من الدواء لمرض » وظاهره بل صريحه كغيره الوجوب من حيث الوديعة ، فيضمن حينئذ مع التقصير فيه ، إلا أنه إن لم يكن إجماعا أمكن المناقشة فيه ، بعدم اقتضاء إطلاق الوديعة الحفظ بنحو ذلك ، وكونه حيوانا محرما لا يسوغ إتلافه بغير الوجه المأذون فيه ، لا يقتضي ترتب الضمان المتوقف على التعدي والتفريط في الوديعة من حيث كونها وديعة بمعنى التقصير فيما اقتضاه إطلاق عقدها ، لا التقصير في الحكم الشرعي الثابت عليه وإن لم يكن ودعيا.
على أنه لا يتم فيما سمعته من المسالك من إلحاق الشجر الذي هو ليس بذي نفس محترمة ، ولو قلنا بوجوب حفظ كل مال في نفسه على المالك وغيره ، إلا أن ذلك لا يقتضي الضمان مع التقصير فيه ، ضرورة كون الحفظ من جهته من مقتضى إطلاق عقدها ، اللهم إلا أن يعده التقصير فيه باعتبار كون المال في يده خيانة ، وأنه هو المتلف للمال ، لكنه كما ترى.
وعلى كل حال فـ ( يجوز أن يسقيها بنفسه وبغلامه ، اتباعا للعادة )