القائمة مقام إذن المالك فيه ، مع عدم صدق التعدي والتفريط ، وليس هو من إيداع الوديعة غيره عرفا ، كما هو واضح ، لكن في المسالك « إن مقتضى العادة جواز تولى الغلام سواء كان المستودع حاضرا عنده أم غائبا ، وسواء كان الغلام أمينا أم لا ، وليس كل ذلك جائزا هنا ، بل إنما يجوز تولى الغلام لذلك مع حضور المستودع عنده ، فيطلع على قيامه بما يجب ، أو مع كونه أمينا ، وإلا لم يجز ، ولا فرق في ذلك بين وقوع الفعل في المنزل وخارجه ، فلو توقف سقيها على نقلها ولم يكن أمينا فلا بد من مصاحبته في الطريق ، وإنما تظهر الفائدة في نفس مباشرة الغلام لذلك ، وكذا لا فرق في ذلك كله بين الغلام وغيره ممن يستنيبه المستودع ، وعبارة المصنف لا تنافي ما قيدنا ، لانه لم يجوز إلا تولى السقي ، وهو أعم من كونها مع ذلك في يد المستودع وعدمه ، والعام لا يدل على الخاص ، فيمكن تخصيصه إذا دل عليه الدليل ، وهو هنا موجود بما أطبقوا عليه ، من عدم جواز إيداع الودعي مع الإمكان وهذا في معناه ، وربما قيل : بأن ذلك فيمن يمكن مباشرته لذلك الفعل عادة ، أما ما لا يكون كذلك ، فيجوز له التولية كيف كان ، وهو ضعيف ».
وفيه أن ذلك لا يعد إيداعا ، بل هو قيام بالعمل الذي يراد من الوديع الذي لا يجب عليه مباشرته فيما دلت القرائن مباشرة غيره له ، لرفعة شأنه ، أو عجزه ، أو نحو ذلك ، وخصوصا فيما قضت به العادة مما هو ليس بتعد ولا تفريط.
ومنه يعلم ما في قول المصنف أيضا ولا يجوز إخراجها من منزله لذلك ، إلا مع الضرورة ، كعدم التمكن من سقيها أو علفها في منزله ، أو شبه ذلك من الأعذار ضرورة عدم الفرق بين ذلك وبين ما تقدم ، مع فرض قضاء العادة به ، ولم يكن ثم ما يقتضي التفريط بها.
ومن الغريب أنه في المسالك وافق هنا على ذلك ، مع أنه قد سمعت منه ما مضى فإنه بعد أن ذكر هنا عدم الفرق في المنع من إخراجها لذلك بين كون الطريق أمنا وعدمه ، لان النقل تصرف فيها وهو غير جائز مع إمكان تركه ، وعدم الفرق بين كون العادة مطردة بالإخراج لذلك وعدمه ، لما ذكر ، وعدمه أيضا بين كونه متوليا لذلك