بنفسه ، وغلامه مع صحبته له وعدمه ، لاتحاد العلة في الجميع ، قال : « واستقرب في التذكرة عدم الضمان لو أخرجها ، مع أمن الطريق وإن أمكن سقيها في موضعها ، محتجا باطراد العادة بذلك ، وهو حسن مع اطرادها بذلك لا مطلقا.
ثم إنه لا يخفى عليك ما في إطلاق الجواز للضرورة وإن كان الطريق مخوفا ، الذي وجهه كون ذلك من ضروريات الحيوان ، فالضرر اللاحق بتركه أقوى من خطر الطريق فإنه قد يشكل في بعض الصور بما إذا كان التأخير إلى وقت آخر أقل ضررا أو خطرا من إخراجها حين الحاجة ، ونحو ذلك ، فينبغي مع اشتراكهما في الضرر مراعاة أقل الضررين ، اللهم إلا أن يقال : بعدم إرادة هذه الصورة من الإطلاق المزبور والأمر سهل بعد ظهور الحال في أصل المسألة وهو أن المدار في حفظها وفي حرزها على المعتاد ، الذي لا يعد عرفا مع مراعاته مفرطا ومتعديا ، بل قد سمعت قيام العادة مقام الاذن من المالك في ذلك. والله العالم.
ولو قال المالك لا تعلفها أو لا تسقها لم يجز القبول لكونه ذا كبد حرى ونفس محترمة ، وواجب النفقة على المالك ، بل يجب عليه سقيها وعلفها مراعاة لحق الله تعالى شأنه ، وإن أسقط الآدمي حقه ، بل مع امتناع المالك ورفع الأمر إلى الحاكم وأمره بالنفقة من ماله ، يتجه الرجوع له عليه ، وكذا لو كان بأمر عدول المؤمنين أو به مع الإشهاد أو بدونه مع نية الرجوع على حسب ما تقدم سابقا.
نعم لو أخل بذلك والحال هذه أثم ولم يضمن لأن المالك أسقط الضمان بنهيه ، كما لو أمره بإلقاء ماله في البحر خلافا لبعض فأجرى حكم الوديعة مع النهي ، فضلا عن غيره حتى في غير الحيوان ، إلا أنه كما ترى ، للأصل بعد انصراف دليل الضمان إلى غيره ، وخصوصا فيما لو كانت الوديعة غير حيوان ، كشجر وبناء ونحوهما ، بل في المسالك « الأقوى عدم وجوب حفظه ، فضلا عن عدم الضمان ، لأن حفظ المال إنما يجب على مالكه ، لا على غيره ، وإنما وجب الإنفاق في الحيوان لكونه ذا روح ، فيأثم بالتقصير في حقه ، فيجب دفع ألمه ».
نعم يبقى إشكال في أصل صحة الوديعة على هذا الوجه المقتضي سفاهة المالك ،