فيصير المال حينئذ في يده أمانة شرعية يجب ردها إلى المالك أو وليه اللهم إلا أن يفرض في وجه لا سفه فيه ، أو يقال : إن السفه لا يؤثر فسادا بدون تحجير الحاكم.
نعم قد يقال : إن الاشكال في صحة الوديعة المأذون فيها بالتفريط مطلقا ، أو في شيء خاص كما أنه قد يقال بوجوب الحفظ على من في يده المال ، وإن أذن المالك بإتلافه ، كما قد أشرنا إليه سابقا والله العالم.
ولو عين له موضع الاحتفاظ اقتصر عليه لأصالة حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه وحينئذ فـ ( لو نقلها ) عنه ضمن لأنه عاد إلا إذا كان النقل إلى أحرز بل أو مثله على قول قوي إذا فهم إرادة المثال مما عينه ، ولو بقرينة ظهور كون الغرض له الاحتفاظ كتعيين الزرع والراكب ونحوهما في المزارعة والإجارة.
أما إذا لم يفهم ذلك فالأقوى الضمان حتى في النقل إلى الأحرز ، فضلا عن المساوي ، سواء فهم إرادة الخصوصية منه ، أو أطلق ولم يكن قرينة على الإرادة المزبورة ، لتحقق المخالفة حينئذ ، اللهم إلا أن يقال : إن الإيداع كان يقتضي التخيير في أفراد الحرز ، وتعيين موضع الاحتفاظ إنما يقتضي عدم الاذن في الأدون ، أما غيره فيبقى على مقتضى الإطلاق الذي لم يتقيد بالتعيين المذكور ، بعد فرض عدم ظهوره في إرادة التقييد.
نعم لو فرض أن حصول الإيداع قد كان بتعيين موضع الاحتفاظ ، اتجه حينئذ الاقتصار عليه ما لم يظهر إرادة المثال ، ودعوى حصول مفهوم الموافقة في الأحرز واضحة المنع ، مع أنه قد يمنع ذلك أيضا ، بدعوى ظهور التقييد بتعيين موضع الاحتفاظ ، كما في غيره من أفراد المطلق والمقيد.
ولعله لذا جزم في المسالك بعدم جواز التخطي في الفرض حتى إلى الأحرز ، بل حكاه جماعة منهم الشهيد في حواشيه على القواعد ، بل احتمل في النسبة إلى القول التي في المتن والقواعد ـ المشعرة بالتوقف ، وأن القول الأخر بخلافه ـ رجوعها