ذلك مستثنى منه لهما ، وإن أراد الحاصل من المستثنى منه فيهما مع المستثنى ، فليس هو إلا ضمان الدراهم والدنانير لا غيرهما.
وليس بين مجموع ذلك وبين الذهب والفضة تعارض العموم من وجه ، إذ لا اختصاص في خبري الذهب والفضة بالدلالة على عدم ضمانهما حتى يكون ذلك وجه افتراق لهما عن خبري عبد الملك وابن سنان.
على أن ذلك كله منا مماشاة لكشف فساد المغالطة المزبورة ، وإلا فالواجب ملاحظة التعارض بين نفس الأدلة من غير تقدير شيء ناشئ من الاجتهاد فيها ، ولا ريب في عدم التفاوت بين مضمون الجميع إلا باقتضاء الضمان في الحلبي ونحوها من خبر الذهب والفضة ، وعدمه في خبر الدراهم والدنانير ، ولكن من حيث حصر الضمان فيهما فلا ينافي حينئذ إخراج غيرهما بدليل آخر.
فليس حينئذ التعارض إلا بالعموم والخصوص المطلق ، على هذا التقدير ، إذ ليس دليل سلب الضمان عما عداهما إلا هو مضمون القسم الأول من النصوص ، وهو عدم الضمان في العارية مطلقا الذي لا ينافي الإخراج بخبري الذهب والفضة كما هو واضح بأدنى تأمل.
وأما تقدير غير الدرهم والدينار وملاحظته مهملا عن إخراجهما مع موضوع الذهب والفضة الشاملين لهما وجعل التعارض بينهما من وجه إلى آخر ما سمعته فهو شيء خارج عن النصوص ، صاغه الوهم ، فصار مغالطة على الأفهام الردية التي لا تفرق بين مفاهيم الألفاظ ومصاديقها ، إذا كان فيها نوع خفاء.
وحينئذ لا يحتاج إلى رده بالترجيح بالشهرة العظيمة بين الأصحاب ، ولا بأن أهل العرف لا يفهمون من ذلك إلا تخصيص الأول بالثاني ، ولا بعموم (١) « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » ولا باستلزام العكس إخراج لفظ الذهب والفضة عن الحقيقة بخلاف الأول الذي فيه تكثير أفراد إخراج المخصص بعد العلم بالتخصيص في الجملة ، ولا إلى غير ذلك مما عرفت الاستغناء عنه.
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٥٠٤.