فهو بمنزلة أن يقول أكرم الرجال ، ثم يقول : لا تكرم زيدا منهم ، وأخرى لا تكرم عمروا وثالثة لا تكرم الجهال ، وفي الواقع كان زيد وعمرو من أفراد الجهال فإنه لا يشك من له أدنى فهم بالخطابات العرفية إرادة إخراج الجهال من الحكم الأول ، ولكن نص على زيد وعمرو للتأكيد ، ونحوه.
وبذلك ظهر لك ما في كلام فخر المحققين من حمل الذهب والفضة على الدرهم والدينار باعتبار أنهما عامان بالنسبة إليهما أو مطلقين ، إذ قد عرفت أنه لا تنافي بين حكم الجميع الذي هو الضمان.
فلا مقتضى للحمل المزبور ، كما أنه لا تنافي أيضا بين المستثنى منه في الجميع إذ هو ليس إلا عدم ضمان العارية الذي هو مضمون القسم الأول من النصوص ، وهذا واضح وإن أطنب في رده في جامع المقاصد ، وزاد في الأطناب ثاني الشهيدين في المسالك.
نعم في الكافية وتبعه في الرياض « أن تحقيق المقام حصول التعارض في النصوص المزبورة بين المستثنى منه في خبر الدراهم والدنانير ، وحاصله لا ضمان في غير الدراهم والدنانير ، وبين المستثنى في خبر الذهب والفضة ، والنسبة بين الموضوعين عموم من وجه يمكن تخصيص كل منهما بالآخر.
فان خص الأول بالثاني كان الحاصل لا ضمان في غير الدراهم والدنانير إلا أن يكون ذهبا أو فضة ، وإن خص الثاني بالأول كان الحاصل كل من الذهب والفضة مضمون إلا أن يكون غير الدراهم والدنانير.
فالأمر المشترك بين الحكمين ثابت ، وهو حصول الضمان في الدراهم والدنانير فلا بد من استثناء هذا الحكم من عموم الأخبار الدالة على عدم الضمان ، وتبقى تلك الأخبار في غير ذلك سالمة عن المعارض ، فان المتجه الحكم بعدم الضمان في غير الدراهم والدنانير من الذهب والفضة ».
لكن لا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرنا ، ضرورة عدم كون المستثنى منه في خبري عبد الملك وابن سنان غير الدراهم والدنانير ، بل لا يصلح لأن يكون