فلا حق له فيها ، إنما حقه في الأجرة ولم تفت ».
قلت : لا إشكال في الفرق بين الإجارة والمزارعة بذلك ، بل إن لم يكن إجماع أمكن القول بعدم وجوب أجرة المثل حتى في صورة التفريط ، ضرورة عدم بطلان العقد بذلك ، وهو إنما يقتضي الحصة المعدومة التي ليست بمضمونة في الذمة ، كما سمعته في مسألة الإجارة بشيء معين من حاصلها ، ومن الممكن عدم حصولها حتى لو زرع ولم يقصر فالرجوع منهما حينئذ إلى أجرة المثل مما لا يرجع إلى قاعدة ، ضرورة عدم العدوان في يده ، حتى يندرج في عموم « على اليد » وعدم صدق إتلاف مال الغير ، لان عقد المزارعة جعله بحكم ماله ، لا مال الغير.
نعم إنما يجب عليه الاستنماء وتسليم الحصة ، وذلك إنما يترتب عليه الإثم لا الضمان ، وقاعدة « لا ضرر ولا ضرار » لا يستفاد منها الضمان ، ولكن ترفع اللزوم ، فيتسلط على الخيار ، وحينئذ تكون كالمضاربة التي يترك العامل فيها العمل بلا فسخ لها.
وكذلك الكلام فيما لو كان التقصير من صاحب الأرض بعدم تسليمها إلى المزارع ، بل عدم الضمان فيه أولى ، لعدم صيرورة منفعة الأرض ملكا له بعقد المزارعة حتى تكون يد المالك عليها عارية يترتب عليها الضمان ، والضرر عليه بفوات انتفاعه بنفسه مثلا لا يقتضي الضمان ، لأن منافع الحر لا تضمن بذلك ومن ذلك كله يظهر لك الحال حتى في الحكم بضمان النقص الذي يلحق الأرض بعدم زرعها فان ذلك من أحكام يد الضمان التي ليست هذه اليد منها فتأمل جيدا والله العالم.
الشرط الثالث : أن تكون الأرض التي تقع المزارعة عليها مما يمكن الانتفاع بها في ذلك بان يكون لها ماء ولو تقديرا إما من نهر أو بئر أو عين أو مصنع أو غير ذلك حتى الغيث فان لم يمكن الانتفاع بها في ذلك لعدم إمكان الماء لها لم تصح المزارعة عليها ، للأصل بعد معلومية إرادة غيرها من العمومات والإطلاقات بل هي من معاملات السفه في نظر العقلاء فحينئذ لو أوقعها على أرض هي كذلك حال العقد فاتفق تجدد قابليتها لم يجد ذلك العقد ، واحتمال الاكتفاء بحالها في الواقع