الظاهر أن منه الأعمال التي تكون في ملك المستأجر ، أي فيما في يده كإصلاح جداره في داره ونحوه مما هو في يد المستأجر ، وتحت سلطانه ، وان استأجر أجيرا على العمل فيه ، ولعل هذا هو مراد الشيخ فيما سمعت منه سابقا ، كما يشهد له التقييد بحضور المالك فيما حكاه عنه في التنقيح. ومحكي التحرير.
بل وكذا لا اشكال ولا خلاف في استحقاق تسلمها بعد تسليم ما فيه أثر العمل من الثوب الذي استوجر على خياطته ، ونحوه ، مما هو تحت يد الأجير وسلطنته ، انما البحث في وجوب تسليمها في نحو الأجير ، بمجرد إكمال العمل ، والفراغ منه وعدمه ، ظاهر المصنف بل صريحه الأول ، خصوصا مع قوله بعد ما سمعت.
ولا يتوقف تسليم أحدهما على الأخر بل لعله ظاهر غيره أيضا ممن أطلق استحقاق الأجير أجرته بإكمال العمل ، ضرورة صدقه في الفرض ، لإطلاق الأمر بالوفاء ، وقاعدة التسلط ، وإطلاق « لا يجف عرقه » وبناء المعاوضة على ذلك.
لأن المراد من الإجارة فعل الخياطة الذي يتسبب منه حصول صفة المخيطة في الثوب ، وقد حصلا معا ، وليس في يد الأجير إلا الثوب الذي هو للمستأجر مع صفته ، ولا شيء منهما مورد عقد الإجارة حتى يجري عليه حكم المعاوضة إذ موردها انما هو العمل الذي تولد منه الصفة المزبورة ، وذاك تسليمه إيقاعه ، لأن تسليم كل شيء بحسب حاله.
ودعوى ـ أن مورد الإجارة الصفة المزبورة ، والفعل إنما هو مقدمة لها ، فهي حينئذ العوض ، فلا يجب تسليم الأجرة حينئذ إلا بتسليمها ، كما هو الشأن في البيع وغيره من المعاوضات ـ يدفعها معلومية كون مورد الإجارة الأعمال ، وإنما العقد الموضوع لملك ذلك ، والصفة إنما يملكها صاحب الثوب تبعا للموصوف ، لا أنه يملكها بعقد الإجارة ، وعلى هذا فالمتجه فيما لو أتلف الصانع العين بعد تمام العمل تضمينه إياه معمولا مع دفع الأجرة ، لا التخيير بين ذلك ، وبين تضمينه إياه غير معمول مع عدم دفع الأجرة ، كما جزم به في القواعد ، ومحكي التذكرة والتحرير وجامع المقاصد ، وجعل السر فيه في الأخير أن أجر العمل لا يستقر إلا بعد تسليمه