الوفاء به الخيار لمن له الشرط ، اتجه حينئذ ما ذكره المصنف والفاضل ، فله الفسخ والمطالبة بأجرة المثل ، وعدمه فله المسمى من الزرع المخصوص الداخل في كلي المزارعة ، وله الأرش عوض النقصان الحاصل بسببه ، لعدم الاذن فيه بالخصوص ومن هنا يتجه عدم انفساخ المزارعة حينئذ بتعذر المعين ، خصوصا إذا كان شخصا.
كما أنه مما ذكرنا قد يظهر الوجه أيضا في قوله ولو كان قد زرع الا قل ضررا جاز بتقريب أن المراد من التعيين مقدار الاذن في الانتفاع بالأرض فهو كالإجارة بالنسبة إلى ذلك.
لكنه أشكله ثاني المحققين والشهيدين أيضا بأن غرض المالك ليس منحصرا فيما يتعلق بمصلحة الأرض ، بل المقصد الذاتي له إنما هو الانتفاع بالزرع ، ومصلحة الأرض تابعة لا مقصودة بالذات ، ولا شك أن الأغراض تختلف في أنواع المزروع ، فربما كان غرضه بالأشد ضررا من حيث نفعه ، والحاجة إليه وإن حصل للأرض ضرر ، ولا يتعلق غرضه بالأخف وإن انتفعت الأرض به ، ألا ترى أن الأرض لو انتفعت بترك الزرع رأسا لم يكن ذلك كافيا في جواز ترك المزارع العمل ، نظرا إلى مصلحة الأرض فالأقوى عدم التعدي لما عين مطلقا ، نعم مثل هذا يجري في إجارة الأرض لزرع نوع معين ، فان عدول المستأجر إلى زرع ما هو أخف ضررا منه متجه ، لأن الغرض في الإجارة للمالك تحصيل الأجرة ، وهي حاصلة على التقديرين ويبقى معه زيادة تخفيف الضرر عن أرضه ، وأولى منه لو ترك الزرع طول المدة ، فإنه لا اعتراض للمالك عليه حيث لا يتوجه ضرر على الأرض ، لحصول مطلوبه ، وهو الأجرة ، بخلاف المزارعة ، فإن مطلوبه الحصة من الزرع المعين فلا يدل على الرضا بغيره ولا يتناوله بوجه.
قلت : ولعله كان لذا خيرة الفاضل هنا بين الفسخ وأخذه أجرة المثل ، وأخذه المسمى نحو ما سمعته في زرع الأضر إلا أنه لا أرش هنا لعدم النقص ، لكن الجماعة أيضا أشكلوا بما عرفت ، من عدم الوجه لأخذ المسمى من الزرع الذي لم يدخل في عقد المزارعة ، وجوابه ما علمت ، بل لعل ظاهر المصنف عدم الخيار أيضا.