والتحقيق في المسألة أن يقال : إن كان المقصود من التعيين تقدير الاذن في الانتفاع بالأرض ، فلا ريب في صحة ما ذكره المصنف ، خصوصا في صورة تعذر الأضر الذي هو المعين ، وإن كان المقصود منه إرادة المعين ، فالأصح ما ذكره الفاضل خصوصا في صورة التعذر لما سمعته سابقا من ثبوت الخيار بنحو ذلك من الشرائط ، وكذا مع اشتباه الحال ، ولعل غرض المصنف الأول ، ضرورة كونه في بيان الاذن في زرع ما يراد زرعه في صورة الإطلاق والتعيين فتأمل جيدا ، فإن المسألة غير محررة في كلامهم حتى مسألة الإجارة التي ذكرها المعترض ، ضرورة إمكان القول بلزوم المنفعة المخصوصة ، وعدم جواز الأخف منها ، خصوصا على ما عساه الظاهر من كلامهم من كون ذلك مشخصا للإجارة وفرق واضح بين الانتفاع بالأخف الذي لم تحصل الاذن فيه ، وبين عدم الانتفاع أصلا ، فإن ذلك ليس تصرفا فيها بغير اذن المالك ، بخلاف الأول الذي يتجه عليه أجرة المثل ، بناء على ما ذكروه ، كما أن المتجه بناء على ما ذكرناه مع فرض عدم ارادة التقدير بذلك الخيار ، فله الفسخ والرجوع بأجرة المثل والإمضاء والاقتصار على المسمى.
ولو زارع عليها أو آجرها للزراعة ولا ماء لها فعلا مع علم المزارع لم يتخير لإقدامه على ذلك وأما مع الجهالة فـ ( له الفسخ ) لتضرره بانتظار الإتيان بالماء لها بحفر بئر أو غيره ، مع احتمال عدم كفايته لها ، وقد تقدم لك تحقيق المسألة في ذلك ، وأنه قد جزم جماعة منهم الشهيد الثاني بالبطلان ، لفقد الشرط الذي هو إمكان الانتفاع بها بالزرع ، من غير فرق في ذلك بين العلم والجهل ، لا التخيير المزبور الذي هو فرع الصحة ، بل لعل الحكم بالشرط المزبور لمنع التخيير المذكور من المتدافع.
لكن في المسالك هنا بعد أن ذكر ذلك قال : « ربما تكلف للجمع بين الحكمين بحمل هذا التخيير على ما لو كان للأرض ما يمكن الزرع والسقي به ، لكنه غير معتاد من جهة المالك بل يحتاج معه إلى تكلف إجراء ساقية ونحوه ، والمنع على ما لو لم يكن لها ماء مطلقا ، وهو جيد لو ثبت أن مثل هذا القدر يوجب التخيير ، وأن