الإجارة على المعلومية في الأجرة فلا بد من العلم بمقدار مقابلها من المنفعة ، بخلاف المزارعة التي كان العوض فيها الحصة المجهولة فيتسامح فيما يقابلها من المنفعة بما لا يتسامح بمثله في غيرها ، إلا أن ظاهر الأصحاب خلافه ، وأنه لا فرق بين المزارعة والإجارة للزرع في ذلك ، واغتفار الجهل في الحصة في المزارعة التي شرعت على ذلك ، لا يقتضي اغتفار الجهل من جهة أخرى والله العالم.
ولو شرط الغرس والزرع في استيجاره الأرض ولم يفهم من ذلك التنصيف افتقر إلى تعيين مقدار كل واحد منهما لتفاوت ضرريهما ، وكذا لو استأجر لزرعين أو غرسين مختلفي الضرر للغرر الحاصل من الإطلاق الذي هو بالنسبة إلى ذلك كالمجمل ، فيمكن الاقتصار معه في الأخف على مسماه.
لكن في المسالك هنا هذا كله إذا استأجر لهما مطلقا ، أما لو استأجرها لينتفع بها منها صح أو تخير ، لأن ذلك تعميم في الأفراد ، وقدوم على الرضا بالأضر ».
وفيه : أنه مناف لما ذكره سابقا ـ عند قول المصنف « وإذا أطلق المزارعة وزرع ما شاء » ـ « من أن المطلق كالعام بالنسبة إلى ذلك ، فيصح جعله العنوان في المزارعة والإجارة ، ويكتفي بدلالته من حيث صلاحية كل فرد لتحققه على الاذن لكل فرد من الأفراد إن تفاوت في الضرر ، إذ ذلك منه رضا بالأضر » وإن كان التحقيق خلافه وأنه لا دلالة في المطلق على ذلك ، وليس هو جهة تعيين يكتفى به في ذلك ، بخلاف التعميم ، فإنه جهة تعيين لها ولو بالعمومية ، ضرورة كون العموم من عوارضها ، بخلاف الإطلاق ، فإنه شيء خارج عن الافراد ، ولا تحضر في الذهن بحضوره.
نعم بناء على جواز جعله عنوانا في المزارعة مثلا يجب الاقتصار في زرع الأفراد المتساوية في مقدار الضرر ، ولا يجوز زرع الأضر ، فإنه لا دلالة فيه على الاذن به ، وإن كان هو فردا للمطلق أيضا ، ولعله لذا اعتبر هنا التعيين عند ذكر الزرعين والغرسين المختلفين في الضرر ، واكتفى بالإطلاق هناك ، أو أنه فرق بين المزارعة والإجارة ، ولو فرض عدم تساوي أفراد الزرع أجمع وعدم معرفة الأقل ضررا منها ، اتجه حينئذ عدم الاجتزاء في الإطلاق.