وكيف كان فالضابط في الوكيل هو أن كل ماله أن يليه بنفسه بمعنى جواز أصل الفعل له ، ولو لعدم دليل الحرمة ( وتصح النيابة فيه ، صح أن يكون وكيلا فيه فـ ) تخرج العبادات وما شابهها وإن جاز أن يليها بنفسه إلا أنه لا تصح النيابة فيها وتصح وكالة المحجور عليه لتبذير أو فلس لا لأنهما كما في المسالك ـ يجوز أن يليا لأنفسهما بعض الأفعال ، فتصح وكالتهما فيها بل في غيرها ـ إذ هو كما ترى ، خصوصا اضرابه ، بل لأن لهما مباشرة ذلك بأنفسهما ، ضرورة معلومية عدم حرمة ذلك عليهما ، وإنما هما ممنوعان من التصرف في مالهما ، لا أن من أحكامهما حرمة ذلك عليهما ، كالمحرم الذي صح تنزيله على الضابط المزبور فقال :
ولا تصح نيابة المحرم فيما ليس للمحرم أن يفعله ، كابتياع الصيد وإمساكه وعقد النكاح لما عرفت في الضابط من « كل ماله أن يليه بنفسه » إذ هو ضابط للوكيل نفيا وإثباتا ، ولذا ذكر تفريعا عليه ما دخل وما خرج ، ولا يشكل ذلك في المرتد الفطري بعدم جواز فعله ما يوقعه لغيره لنفسه ، إذ قد عرفت أن المدار على حرمة المباشرة التي لا دليل عليها في المرتد من حيث ارتداده ، وإنما لم يجز ذلك لعدم الملك والذمة له شرعا ، وفرق واضح بين جواز فعل الشيء بنفسه ، وبينه لنفسه ، كما هو واضح.
وأيضا فالمنع من تولى الشيء يتبع دليله ، فإن كان مفاده المنع من مباشرته بمعنى حرمة أصل الفعل عليه ، بحيث لم يجز فعله له ولغيره وكالة ، وولاية ، وفضولا ، كما في بعض محرمات الإحرام اتبع ، وإلا اقتصر عليه ، فليس مجرد الامتناع لنفسه يقتضي الامتناع عن الوكالة فيه عن الغير ، بل لعل الاستقراء في كثير من الموارد وعمومات الوكالة كذلك يشهد بخلافه.
وبذلك بان أن المدار في الضابط المزبور أمران : أحدهما : كون الفعل مما يجوز وقوعه من النائب وليس هو من المحرمات عليه ، والثاني : كون الشيء مما