حينئذ ليس ملكا له ، وإنما هو مأذون في التصرف بالزرع فيه ، وبه يملك الحصة وقد يقال : إن هذا كاف في جواز مزارعة الغير ، لأنها عبارة عن نقل حقه في ذلك إليه وتسليطه على العمل فيجوز له كما يجوز له التوكيل فيه والاستنابة بغيرها من الوجوه ـ ثم قال : هذا كله إذا لم يشترط المالك عليه العمل بنفسه ، وإلا لم يجز المشاركة ولا المزارعة بحيث يصير العمل كله أو بعضه متعلقا بغيره ، ولا يرد أن ذلك يقتضي منع المالك من التصرف فيما له ، فيكون منافيا للمشروع ، لأن « الناس مسلطون على أموالهم » لأن ذلك حيث لا يعارضه حق غيره ، وإلا لم تتم الكلية ، ضرورة تخلفها في كثير كالراهن والمفلس ».
قلت : قد تبع بذلك كله أو أكثره ما في جامع المقاصد ، لكن لا يخفى عليك ما في تفسيرهما المشاركة المذكورة في المتن وغيره ، خصوصا بعد قول المصنف وغيره لو شرط المالك الزرع بنفسه لزم ، ولم تجز المشاركة إلا بإذنه ضرورة أنه لا معنى لمنعها ، بناء على أنها عبارة عن شراء بعض حصة العامل بعد ظهورها ، وملكه إياها ، لعدم منافاة ذلك لاشتراط الزرع بنفسه ، حتى لو احتاجت بعد إلى العمل الذي يمكن شراء الحصة منه ، مع المحافظة على البقاء علي العمل بنفسه الذي هو في الحقيقة لحصته وحصة رب الأرض ، فليس هو مستحقا له أجمع ، والفرض كون الشركة في حصته.
ومن هنا أنكر الأردبيلي فيما حكي عنه على التفسير المذكور ، وقال : « إن ظاهر العبارات أعم من ذلك ، بل غير ذلك وهو شركة غيره معه بالعمل المشروط له عليه ببعض الحصة المشروطة له ، فكأنه يرجع إلى المزارعة في البعض ، وهو جيد ولا ينافيه حينئذ ذكر المزارعة بعدها المحمول على إرادة عدم شركته معه في العمل ، بل يكون المزارع الثاني هو المستقل ، ويكون للاول من نفس منفعة الأرض مثلا. أو يقال : إن المراد الشركة معه في العمل ببعض الحصة بطريق الصلح.
ومن التأمل فيما ذكرنا يظهر أنه لا وجه للمنع من مزارعة الغير حتى مع اشتراط الاختصاص في العمل ، إذ لا يعتبر في تحقق المزارعة العمل من المزارع كما