المتشرعة أن تكون حقيقة فيه عند الشارع ، وذلك ظاهر ، وقولهم سميت بذلك لأن أكثر حاجة أهل الحجاز إلى السقي ، لأنهم يسقون من الآبار لا إشعار فيه بتعيين زمان الوضع أصلا ، لاحتمال تجدد الوضع بعد الشارع بهذه العلة ، ونسبة القول بها إلى الصحابة والتابعين ، ودعوى الإجماع عليها من السلف لا يقتضي تسميتها بالمساقاة عندهم ، لجواز أن يكون المراد أنهم قالوا بصحة المعاملة المسماة عند الفقهاء بهذا الاسم ، وأجمعوا عليها ، وإن وقع التعبير عنها في زمانهم بلفظ آخر ، وما ذكره الفقهاء ـ من أن الإيجاب لا بد أن يكون بلفظ المساقاة وما يؤدي معناها وأن أظهر الصيغ في هذا العقد ساقيتك ، أو عقدت معك عقد المساقاة محمول على العقود الواقعة في زمانهم ، أعني زمان النقل ، وليس المراد جواز العقد بلفظ المساقاة ولو في عصر الشارع ، حتى يجب القول بوضعه فيه ، حذرا من لزوم استعمال الألفاظ الغير الصريحة في العقود ، ( لا يقال ) قول الأصحاب « المساقاة شرعا معاملة » إلى آخره يقتضي كون هذا المعنى هو معنى اللفظ في الشرع ، وكفى بقولهم هذا دليلا على النقل ( لأنا نقول ) : قد ذكر الاشكال فيما ذكره الفقهاء من ألفاظ المعاملات من أنها لغة كذا ، وشرعا كذا ، وأن هذا القول بظاهره لا يستقيم في الأكثر ، وإن بعض المتأخرين حمل التحديدات الشرعية في المعاملات على تحديدها بحسب عرف المتشرعة دون الشارع ، فان صح ذلك ، وإلا أمكن الحمل على إرادة المعنى الثابت شرعا ، وإن كان الواضع فيه غير الشارع.
وعلى كل حال فلا ريب في إرادة أحد المعنيين هنا إن لم يتعين ذلك في غيره ، لما عرفت من عدم ورود المساقاة في الكتاب والسنة ولا في أحاديث الأئمة عليهمالسلام والحقيقة لا تثبت بدون الاستعمال قطعا ، واحتمال ثبوت الاستعمال في عصر الشارع أو الأئمة عليهمالسلام مع عدم النقل إلينا خلاف الأصل وإن كان هذا كله منه قليل الجدوى بعد فرض عدم وجود لفظ المساقاة عنوانا لحكم في شيء مما وصل إلينا من النصوص ، مضافا