إلى ما فيه من إمكان المناقشة في جملة مما ذكره ، وإلى ما في صحيح يعقوب بن شعيب (١) من تضمن الإيجاب بلفظ « اسق » لكن قال : إنه أمر من السقي ، دون المساقاة ، والمراد منه المعنى اللغوي دون العرفي ، وفيه ما عرفت من أنه لا وجه لإنشائية الإيجاب بلفظ الأمر مرادا منه المعنى اللغوي ، بل لا بد من ملاحظة المعنى الشرعي فيه ، كما تقدم نظيره في المضاربة ، وإذا جاز العقد بلفظ الأمر في ذلك الزمان ، جاز بلفظ « ساقيتك » بطريق أولى ، بل هو مقتض لوضع مبدأ الاشتقاق بالمعنى المتشرعي ، إذ لا وجه لإرادة معنى من المشتق دون المشتق منه.
ومن ذلك وغيره يظهر عدم انحصار فائدة البحث عن معنى المساقاة في كلام الأصحاب ومعاقد إجماعاتهم ونحو ذلك ، دون استنباط أحكام المساقاة من الخطابات الشرعية كما ذكره الفاضل المزبور ، هذا.
وربما ظهر من كلام بعض أن المزارعة تطلق في الأخبار على ما يشمل المساقاة ، فيمكن استفادة أحكام المساقاة منها ، وفيه : منع كونه حقيقة ، إذ غايته ثبوت الاستعمال الذي هو أعم ، خصوصا بعد أن كان المفهوم عرفا من المزارعة المعاملة على الأرض بحصة من حاصلها ، وقد صرح أهل اللغة بأن ذلك هو معنى المزارعة ، وإن أريد الإطلاق ولو على سبيل المجاز فهو مسلم ، لكن يتبع وجود القرينة الصارفة عن إرادة الخصوصية ، ودعوى ثبوتها في جميع موارد استعمال المزارعة في الروايات غير مسلم ، بل مقطوع بفساده.
نعم قد ذكر بعض الفقهاء أن المخابرة المتكررة في الأخبار ـ من المعاملة مع أهل خيبر قال ابن الأعرابي أهل المخابرة من خيبر ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أقرها في أيدي أهلها على النصف فقيل خابرهم أي عاملهم في خيبر ، وهي بهذا المعنى ـ تعم المساقاة قطعا ، لكن فيه إن تفسير المخابرة بذلك ليس بثابت أيضا ، فإن أبا عبيدة نص على أن المخابرة من الخبير وهو الأكار ، وفي الصحاح الخبير
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام المزارعة الحديث ـ ٢.