نعم لو قالا له على أن لك من حصة فلان النصف ، ومن حصة الآخر الثلث صح أيضا ولكن بشرط أن يكون عالما بقدر نصيب كل واحد منهما وحينئذ لو كان جاهلا بطلت المساقاة لتجهيل الحصة كما هو واضح هذا.
وقد ذكر في المسالك بعض الصور لبيان كيفية القسمة بينهم ، للتدريب لا فائدة في ذكرها. والله العالم.
المسألة الخامسة : إذا هرب العامل غير المعين في أثناء العمل لم تبطل المساقاة قطعا لأصالة صحتها ، بل ظاهر الأصحاب هنا بقاؤها على اللزوم ( فـ ) ليس للمالك الفسخ بمجرد ذلك ، خصوصا إن بذل العمل عنه باذل وإنما يرفع أمره إلى الحاكم فيطلبه ويجره على العمل ، فان تعذر ذلك استأجر من ماله من يعمل عنه ، أو بأجرة مؤجلة إلى وقت الثمرة ، ومع فرض ظهورها وبدو صلاحها استأجر بحصته أجمع أو بعضها ، أو بالاقتراض عليه.
أو دفع إليه الحاكم من بيت المال ما يستأجر عنه ولو على جهة القرض عليه أو بغير ذلك من الصور التي يحصل بها الحق ممن عليه إلى من هو له ، لأنه ولي كل ممتنع ، لقوله تعالى (١) ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) وحينئذ متى حصل أحدهما فلا خيار للمالك لعدم الضرر عليه مع أصالة اللزوم.
ولكن قد يقال : إنه مناف لما يستفاد منهم في غير المقام ، كالخيار بعدم الوفاء بالشرط ، وكالخيار بتأخير الثمن ، وبالامتناع عن العمل وتسليم العين المستأجرة ، ونحو ذلك من ثبوت الخيار بمجرد حصول شيء من ذلك ، من غير مراجعة إلى الحاكم ، بل ظاهرهم أنه متى حصل من أحد المتعاقدين بعقد لازم ما ينافي استحقاق الآخر عليه من حيث اللزوم ، شرع له الشارع الفسخ ، وكان العقد في حقه جائزا دفعا لضرره بذلك ، لقاعدة (٢) « لا ضرر ولا ضرار ».
__________________
(١) سورة المائدة الآية ٥٥.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ ص أبواب الخيار الحديث ـ ٣ ـ ٤ ـ ٥.