يحتمل من المسالك ضمانها لو تركها حينئذ والمالك حاضر ، فإنه بعد أن حكى عن التذكرة أن ذلك رد للوديعة ، قال : « ويشكل تحقق الرد بمجرد الذهاب عنها مع حضور المالك ، لأصالة بقاء العقد ، وكون الذهاب أعم منه ما لم ينضم إليه قرائن تدل عليه ، وإن كان قد يناقش حينئذ بأنه وإن كان الذهاب أعم من ذلك إلا أن الظاهر عدم ضمانه بالذهاب المزبور ، لعدم صدق التفريط ، والأصل براءة الذمة » ولعله لا يريد الضمان ، وإنما يريد عدم انفساخ العقد بذلك.
ثم لا يخفى ظهور العبارة المحكي مثلها عن التذكرة والإرشاد والتحرير واللمعة والروضة في تحقق الوديعة بالطرح المزبور مع القبول فعلا أو قولا. نعم لا دلالة فيها على تحقق العقد بذلك ، فما في المسالك من إنكار ذلك ، باعتبار أن وجوب الحفظ المترتب على القبول أعم من كونه بسبب الوديعة ، لأنه قد يكون بسبب التصرف في مال الغير ـ في غير محله ضرورة ظهور العبارة في تحقق الوديعة بالقبول ، ويتبعه وجوب الحفظ.
نعم لا دلالة فيها على كون ذلك عقدا وهو متجه ، بناء على تحققها بدونه ، على قياس معاطاة البيع والصلح والإجارة وغيرها التي هي منها ، هذا كله في الطرح بعنوان الاستيداع.
أما إذا كان مجردا عن ذلك فلا تتحقق الوديعة مع القبول قولا أو فعلا. لعدم تحقق إيجابها المتوقف عليه تأثير القبول ، وإن وجب عليه الحفظ في الثاني إذا كان قد قبضه ، لعموم (١) « على اليد » بل الظاهر وجوب ضمانه عليه ، لعدم تحقق الاذن له في قبضه.
ومما ذكرناه يظهر لك الحكم في جميع صور المقام وإن أطنب فيها في المسالك لكن مع تشويش في كلامه في الجملة ، وربما ظهر منه اعتبار التلفظ بما يدل على إرادة الإيداع مع الطرح في تحقق الوديعة ، ولا ريب في فساده بناء على صدقها مع دلالة غيره من الإشارة المفهمة والكتابة وغيرهما وإن لم يتحقق بذلك عقدها ،
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٥٠٤.