من هذا القبيل فانَّ للصلاة الغصبية لا يكون إلاّ الغصب المحض الّذي يكون متمحضا في المفسدة وغير واجد للمصلحة أصلاً وهو أشد مبغوضية فيكون التقرب باختيار الأقل مبغوضية معقولا.
وإِنْ كان الالتزام بانتفاء المبغوضية لأجل عدم الوقوع في محذور اجتماع المبغوضية مع الوجوب فالجواب : اننا نلتزم بعدم المحبوبية ، فانَّ وجوب الصلاة ثبت هنا بمثل الإجماع ولا مأخذ لاشتراط المحبوبية وراء الأمر في المقام لا ثبوتا ولا إثباتا.
امّا ثبوتا فلأنَّ الأمر والإيجاب كما ينشأ من المحبوبية كذلك قد ينشأ من داعي تخفيف المبغوضية وترجيح أقل الضررين ، فلعل مقامنا من هذا القبيل.
واما إثباتاً فلأنَّ الأمر لو كان ثابتاً بالأدلة اللفظية جاء فيه الاستظهار العام فيكون ظاهره عرفا نشوء الأمر عن المحبوبية ، واما حيث يكون الدليل لبّياً كالإجماع أو التسالم فلا يثبت إلاّ أصل الوجوب والأمر مع الملاك بمعنى المصلحة أو قلة المفسدة والمبغوضية لا المحبوبية.
لا يقال ـ يوجد دليل لفظي أيضاً مثل ما دلَّ على انه ( لا تدع الصلاة على حال فانها عماد دينكم ) (١) فيدل على نشوء الوجوب والأمر من المحبوبية في هذا الحال أيضا.
فانه يقال ـ انَّ مثل هذه الأدلة اللفظية لو تمت فمدلولها انَّ المولى لا يرفع يده عن امره بالصلاة بمجرد العجز عن بعض أفعالها بحيث يبقى المكلف لا ممتثلاً ولا عاصياً ، ففي كل مورد يكون عدم الأمر معناه انَّ المكلف لا يعتبر عاصياً بترك الصلاة يمكن التمسك بهذا الخطاب لأنه جاء لإثبات الأمر من قبل المولى وانَّ المولى لا يرفع اليد عن امره من قبله ، وامّا إذا كان المولى لم يرفع يده عن امره وانما المكلف عصى امر المولى وعجز نفسه كما في المقام أو من أخَّر صلاته اختياراً إلى اخر الوقت بركعة فانه لا تشمله هذه الخطابات وانما ينحصر دليله بالإجماع وشبهه.
وهكذا يثبت وجوب الصلاة بناء على الامتناع واتحادها مع الأكوان الغصبية.
وهل تثبت عليه وظيفة المختار أو الصلاة الاضطرارية؟
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ٢ ـ ص ٦٠٥ ـ الحديث ـ ٥ ـ