ليس معناه ولا لازمه الترخيص في التطبيق على الأَفراد كحكم شرعي شمولي مولوي.
وتوضيح ذلك : انَّا قد ذكرنا فيما سبق أنَّ مقتضى الإطلاق ليس إِلاّ كون معروض الحكم ذات الطبيعة التي هي تمام المبين بحسب مقام الإثبات ، ولازم ذلك انَّه من قبل هذا الوجوب لا مانع من تطبيقه على أَيّ فرد لا انَّه لا مانع بالفعل ومن جميع الجهات.
وإِنْ شئتم قلتم : انَّه قد وقع الخلط في المقام بين الترخيص الوضعي والترخيص التكليفي ، فانَّ الأمر يقتضي الترخيص الوضعي في تطبيق الحكم على كل فرد أي الاجتزاء بأي فرد محقق للطبيعة وهذا لا ينافي أَنْ يكون هناك مانع من ناحية أخرى ، فلا تنافي بين مدلول الأمر والنهي لا بالذات ولا بالعرض.
وعند ما أشكلنا على أصحاب هذا المسلك بهذا الإشكال أجابوا بأنَّ هذا مدلول عرفي يوجب الامتناع والتنافي العرفي بينهما وهذا مطلب آخر سوف نتعرض له مشروحاً فيما يأَتي.
البيان الثاني : انَّ الحبّ المتعلق بالجامع بنحو صرف الوجود يلازم تعلق الحبّ بكل فرد فرد على تقدير عدم الافراد الأخرى ، وهذا معناه انَّ التخيير العقلي دائماً يلزم منه التخيير الشرعي بلحاظ عالم الحبّ وإِنْ لم يكن كذلك بحسب عالم الجعل والحكم وهذا يستوجب التضاد بين النهي عن الحصّة والأمر بالطبيعة لأنَّ الأول يقتضي تعلق البغض بالحصّة والثاني يقتضي تعلق الحبّ بها منوطاً بترك سائر الحصص ، فبلحاظ عالم الحبّ يكون الحبّ سارياً من الطبيعة إلى الأفراد بنحو مشروط وإِنْ لم يكن كذلك بلحاظ الحكم فيلزم اجتماع الضدّين إِذ كما لا يجتمع الضدّان مطلقاً كذلك مشروطاً.
وهذا البيان موقوف على تمامية إرجاع الحبّ المتعلّق بالطبيعة إلى الحب بكل حصّة منها مشروطاً بعدم الأُخرى ولو اختياراً من جهة أنَّ المكلَّف لم يقدِّم غيرها إلى المولى. وهذا التلازم وجداني في النّفس البشرية فانَّه من غير الصحيح أَنْ يقال لمن يحبّ شرب الماء من هذا الإناء أو ذاك انَّه يحبّ صرف الوجود لا هذا الّذي شربه أو ذاك إِذا شربه بل يحبّ الجامع الّذي هو غير هذا وغير ذلك (١). وهذا معناه انَّه
__________________
(١) وجدانية هذا الحكم محل تأمل بل الوجدان يحكم انَّه يحبّ هذا الفرد بما هو مصداق لذلك الجامع فهو يحبّ الصلاة الخارجية وهذا الفرد صلاة خارجية كذلك الفرد الآخر فالخصوصيّات والحيثيّات الفرديّة الأخرى المقيّدة وكذلك الحصص بما هي حصص خاصة لا تكون متعلّقة للحبّ إِلاّ بالعرض. ولكن لا ينبغي الإشكال في وجدانية التضاد والتنافي ثبوتاً بين ( صلِّ ) و( لا تصلِّ )