انَّ كلاً منهما مدلول تصوري للمرجع في اللغة ـ بنحو عرضي أو طولي ـ والمفروض انَّ الضمير وضع لكي يرجع إلى ما هو المدلول التصوري اللغوي وهذا محفوظ في تمام موارد الاستخدام. فالحاصل : لو قيل بوضع الضمير للرجوع إلى ما يراد من مدلوله جداً أو استعمالاً لزم محذور إناطة المدلول الوضعي التصوري بأمر تصديقي ، وإِنْ قيل بوضعه للرجوع إلى ما هو مدلول تصوري لمرجعه فلا يتعقل حينئذٍ التطابق وعدمه بينهما طالما انَّ معنى الضمير أيضا مدلول تصوري للمرجع فما معنى الاستخدام واستعمال الضمير في غير ما وضع له؟.
وحلّ الإشكال بنحو يتضح به الجواب على كل هذه المفارقات المثارة يكون بالالتفات إلى انَّ رجوع الضمير إلى مرجعه ليس بمعنى تكرار معنى المرجع بالضمير مرة ثانية كما إذا قيل ( قلد العالم وأكرم العالم ) فانَّ الأمر لو كان كذلك صح أَنْ يقال بعدم العناية ـ اللهمَّ إِلاَّ بلحاظ الظهور السياقي في تطابق المدلولين الجديين لهما لو قيل به المخصوص بموارد ثبوت مدلول جدي للكلام ـ إِلاَّ انَّ الصحيح انَّ الضمير وضع لمفهوم مبهم هو الإشارة إلى نفس المعنى التصوري للمرجع بنحو لا دور له إِلاَّ إيصال ما بعده من النسبة إلى نفس ما تقدم من المعنى المنسبق إلى الذهن بالمرجع فقولنا ( قلد العالم وأكرمه ) مدلوله الذهني نفس مدلول قولنا ( قلد وأكرم العالم ) غاية الأمر انَّ إيصال الفعل الثاني ـ وهو الإكرام في التعبير الأول ـ كان ببركة الضمير وفي هذا التعبير ببركة هيئة تقدم الفعل على المفعول ، وبناءً على ذلك سوف لا يكون في الذهن إِلاَّ صورة واحدة لمعنى المرجع لا صورتان متكررتان ، ومن الواضح انَّ الصورة الواحدة لا تقبل إِلاَّ إطلاقاً واحداً أو تقييداً واحداً لا إطلاقين أو تقييدين ولذلك فلو فرض وجود دال بعد الضمير يدل على تقييد تلك الصورة الواحدة في الذهن من الطبيعة فلا محالة تكون صورة الطبيعة المفادة بالمرجع مقيدة فيكون الحكم الأول مقيداً لا محالة.
ومما يشهد على هذا اننا نجد نفس الشيء فيما إذا كان هناك ضمير ان بأنْ قال العالم أكرمه وقلده فانه أيضاً لا يمكن أَنْ يراد بأحد الضمير الحصة أو المطلق وبالضمير الآخر الحصة الأخرى فلو كان الضمير في قوة تكرار المعنى الراجع إليه وإيجاده في