فانه يقال : كونه دالاً على التكرار انما يعقل بعد فرض ثبوت الحكم على المعطوف عليه قبل مجيء حرف العطف ليدل العطف على إلغاء الحاجة إلى تكرار الدال على الحكم وهذا لا يعقل في الصورة الأولى التي قد اكتملت الجمل المتعددة موضوعاً ومحمولاً.
نعم يعقل ذلك في الصورة الثالثة وحينئذٍ قد يعكس الاستدلال فيقال بأنه لا يبقى فرق بين الصورتين الأولى والثالثة لأنَّ العطف في قوة تكرار حكم المعطوف عليه فكأنه قال أكرم العلماء وأكرم الشيوخ وأكرم الهاشميين إِلاَّ الفساق وكما لا يرجع الاستثناء إلى الجميع في الصورة الأولى كذلك لا نكتة للرجوع إليها في الثالثة.
ولكن الصحيح مع ذلك الرجوع إلى الجميع بنكتة انَّ العطف وإِنْ كان في قوة التكرار إِلاَّ انه لا يعطي المعنى المكرر صريحاً بل تقديراً فيكون رجوع الاستثناء إلى الأخير أيضاً تقديرياً فلو أُريد إرجاعه إليه بالخصوص كان خلاف التقديرية المذكورة.
هذا كلّه لو سُلم انَّ قولهم العطف في قوة التكرار أُريد به ظاهرة حقيقة لا انه مجرد تخريج نحوي في مقام الإعراب.
ثم انَّ للمحقق العراقي ( قده ) في المقام كلمات ثلاث نذكرها فيما يلي مع التعليق عليها.
الكلام الأول ـ انه حكم بصحة رجوع الاستثناء في نفسه إلى جميع الجمل من دون فرق بين الاستثناء الحرفي أو الاسمي ، وامّا الإشكال بأنَّ المعنى الحرفي جزئي فلا يمكن إرجاع حرف الاستثناء إلى الجميع فهو فاسد مبنى لأنَّ الصحيح كلية المعاني الحرفية عنده ، وبناءً لأنَّ الاستثناء من الجميع غير منافٍ لجزئية المعنى الحرفي لأنَّ الاستثناء من الجميع فرد من افراد الاستثناء كالاستثناء من الأخيرة فقط.
وفيه : انَّ الاستثناء من الجميع إِنْ أُريد به الاستثناء منها بعد إسباغ طابع الوحدة عليها اعتباراً فهذا وإِنْ كان فرداً جزئياً من الاستثناء كالاستثناء من الأخيرة ولكنه قد عرفت انَّه خلاف مقام الإثبات ، وإِنْ أُريد منه الاستثناء منها بلا توحيد اعتباري فلا يكون جزئياً لما عرفت من انَّ المراد بالجزئية الجزئية الطرفية فمع تعدد الطرف يتعدد المعنى لا محالة.