والنهي في مورد واحد ، لأنَّ مناط البحث هنا هو لزوم اجتماع الضدين ـ وهما الأمر والنهي ـ في موضوع واحد وهو محال حتى عند المنكر للتبعية فلا وجه لاشتراط وجود الملاكين في مورد الاجتماع ولا ربط بين المسألتين (١).
وهذا النقاش كأنه نشأ عن مجرد تشابه لفظي بين ما ذكره المحقق الخراسانيّ من لزوم فعلية الملاكين في المجمع وبين مسألة تبعية الأحكام للملاكات بمعنى المصالح والمفاسد للعباد.
فانّه من المظنون قوياً انَّ مقصود المحقق الخراسانيّ من الملاك في المقام لم يكن هو الملاك في مسألة التبعية ، وإِلاّ كان من الواضح انَّ مشكلة الاجتماع لا ربط لها بمسألة تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، وانَّما مقصوده سنخ ملاك للحكم لا يختلف فيه الأشعري مع المعتزلي ، أي مبادئ الحكم ، فانَّ كلّ أمر أو نهي لا بدَّ له من مبادئ ولو كانت تلك المبادئ راجعة إلى المولى نفسه لا إلى العبد ، بل ولو كانت جزافية وتحكمية ولا صلاح فيها للعباد أصلاً ، إذ كل حكم لا بدَّ من نشوئه من منشأ وغرض لا محالة ولو لم يمكن فيه مصلحة للمكلف فمدعى صاحب الكفاية انَّ المجمع لا بدَّ وأَنْ يكون مجمعا لملاك الأمر وملاك النهي أي للحيثية الداعية إلى الأمر والحيثية الداعية إلى النهي لكي ينفتح البحث عندئذ عن إمكان اجتماع الأمر والنهي أو امتناعه فيه حتى يكون حال المجمع من حيث اشتماله على الحيثية الداعية إلى الأمر والنهي على حد سائر المصاديق ويبحث عن إمكان فعلية الأمر والنهي فيه من ناحية التضاد ، وأي ربط لهذه الشرطية بما جعلته مدرسة المحقق النائيني ( قده ) تفسيراً لكلام صاحب الكفاية ( قده ) ولعل الدافع لصاحب الكفاية في تجشم هذه الشرطية كان هو الذب عن المشهور في أحد موضعين.
الأول ـ ذهابهم إلى التعارض بين العامين من وجه في بحث تعارض الأدلة من دون بناء ذلك وتفريعه على مسألة الامتناع ، فكأنه حاول أَنْ يدفع عنهم بأنه في العامين من وجه من قبيل ( أكرم العالم ولا تكرم الفاسق ) لا يحرز أصل الملاكين في المجمع
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٣٤٥ ـ ٣٤٦