والكلام في هذا التقريب تارة : في كبرى تقديم الإطلاق الشمولي على البدلي ، وأخرى : في تنقيح صغراه وتطبيقه في المقام.
امّا البحث عن كبرى تقديم الإطلاق الشمولي على البدلي فقد تعرضنا له مفصلاً في موضعه من بحوث تعارض الأدلة وأثبتنا هناك انه لا وجه فني لهذه القاعدة المتداولة على الألسن.
نعم توجد نكتة خاصة لتقديم الإطلاق الشمولي للنهي على الإطلاق البدلي تتم على مبنى المحقق النائيني القائل بلزوم اختصاص متعلق الأمر بالحصة المقدورة عقلاً وشرعاً.
فانه بناء على هذا المبنى سوف يكون إطلاق النهي لمورد الاجتماع رافعاً لهذا الشرط ووارداً على إطلاق دليل الأمر دون العكس فانَّ الأمر حيث انَّ إطلاقه بدلي فشموله لمورد الاجتماع لا يجعل امتثال النهي غير مقدور لا عقلاً ولا شرعاً بخلاف العكس.
وهذا الوجه انما يتم في مثل دليل الحرمة والأمر ولا يتم في دليل الكراهة مع الأمر كما لا يخفى.
وامّا البحث عن تمامية صغرى هذا التقريب في المقام فلا إشكال فيها إذا كانت مندوحة ، واما إذا لم تكن مندوحة للمكلف بحيث انحصرت الصلاة بالمكان المغصوب فقد يناقش في انطباق الكبرى بأنَّ المعارضة حينئذ بين إطلاق النهي الشمولي مع أصل الأمر أي الوجوب وهو مدلول للهيئة لا للمادة وإطلاق الهيئة شمولي أيضاً وليس بدلياً.
إلاّ أنَّ الصحيح انطباق الكبرى حتى في صورة الانحصار وعدم المندوحة ، لأنَّ ارتفاع الأمر والوجوب في هذه الصورة ليس تقييداً زائداً في دليل الأمر إذ كل امر مشروط بالقدرة على متعلقه ، فإذا قيد متعلق الأمر الّذي يكون إطلاقه بدليا بغير الغصب فسوف لن يحدث بسبب ذلك تقييد لمدلول الهيئة زائداً على ما هو مقيد به من القدرة على متعلقه ، فالتعارض بحسب الحقيقة بين إطلاق المادة في الدليلين دائماً.