إلاّ انَّ التحقيق : انَّ هذا لا يجدي في حلّ الإشكال باعتبار انَّ الترك لو كان مشتملاً على مصلحة غالبة على مصلحة الفعل وكان المحبوب فعلاً للمولى ترك الصوم فسوف لن يقع الصوم عبادة ومقرباً إلى المولى باعتبار انَّ الفعل الّذي يكون تركه أفضل وأحب إلى المولى لأنه بالفعل يريد تركه ، ولو فرض اشتماله على مصلحة مغلوبة ، في نفسها لا يصلح للمقربية ، أي لا يعقل أَنْ يؤتي به بداعي المولى ، إذ كيف يمكن أَنْ يكون المولى داعياً إلى ترجيح الفعل على الترك مع انه يريد ترجيح الترك على الفعل؟ وهذا بخلاف موارد التزاحم الحقيقي بحسب عالم الامتثال وهذا واضح.
والصحيح : في علاج إشكال الكراهة في هذا القسم من العبادات أَنْ تحمل هذه النواهي على الإرشادية نظير القسم الأول بلحاظ انَّ المكلف عادة لا يصوم الدهر كله بل يصوم بعض الأيام فيرد النهي للإرشاد إلى صوم سائر الأيام لا يوم عاشوراء لأنه أقل ثوابا ، فحال المكلف خارجاً وعملا هنا حاله في مثل صلِّ ولا تصلِّ في الحمام مع فعلية الأمر والمحبوبية في العبادة على كل حال ...
التنبيه التاسع ـ فيما إذا فُرض سقوط الحرمة بقطع النّظر عن الأمر من جهة الاضطرار ، كما إذا ألزم بالتوضي مثلاً بالماء المغصوب أو كان مضطراً إلى الغصب الجامع بين إراقة الماء على أعضاء وضوئه أو مكان آخر على نحو لا يكون في التوضي غصب زائد ، ففي مثل ذلك تسقط الحرمة في مادة الاجتماع ويقع الكلام في حكمها من زاوية الأمر ، فهل يمكن أَنْ ينبسط عليه الأمر؟.
والكلام عن ذلك تارة : فيما إذا كان الاضطرار لا بسوء الاختيار وأخرى فيما إذا كان بسوء الاختيار.
( الصلاة في المغصوب بالاضطرار لا بسوء الاختيار )
المقام الأول ـ إذا كان الاضطرار لا بسوءِ الاختيار والبحث فيه تارة : في كبرى حكم هذه الفرضية وأخرى : في صغرياتها.
امّا البحث في كبرى هذه الفرضية فلا إشكال في سقوط الحكم التكليفي أي الحرمة بالاضطرار المانع عن الحرمة عقلاً وشرعاً ، وانما البحث في جانب الحكم الوضعي من زاوية الأمر ، أي هل يقع الفعل صحيحاً ومجزياً أم لا؟