من استكشاف موافقته معهم في مجال الأغراض التكوينية.
وإِنْ شئت قلت : انَّ السيرة على هذا التقدير لا يعدو أَنْ يكون مجرّد عادة عفويّة ولا يكون بناءً عقلائيّاً تشريعيّاً لكي تكون عقلائية الشارع مجدياً في إثبات الحجيّة في التشريعيات وانَّما يتوقّف استكشاف ذلك كموقف تشريعي على أساس عدم
الردع بالتقريب المتقدم منّا.
وامَّا الشكل الثاني من الاستدلال بالسيرة العقلائية وهو دعوى إدانة العقلاء لكل من الأمر والمأمور بالظهور في أغراضهم التشريعية فهو سليم عن الاعتراضين السابقين حتى على مسلك الأصفهاني ( قده ) لأنَّ الحجية والتعبد معقول في هذا المقام فلا يحتاج في الاستناد إلى هذه السيرة لإبراز نكتة تحولها إلى سلوك عادي جبلي ، إذ يكفي ثبوت نفس الإدانة العقلائية المولويّة إِلاّ انَّ مصاديق هذه السيرة خارجاً أقلّ من تطبيقات السيرة العقلائية في الأغراض التكوينية ، كما انَّه ليس المراد بهذه السيرة دعوى الإدانة العقلائية على أساس كاشفية عقلية عملية وإِلاّ كانت حجية الظهور ذاتية كحجية القطع مع انَّه قد فرغنا عن عدمها ، كما انَّه ليس المراد انَّ العاقل يعاقب أو يعاتب الأمر أو المأمور إذا خالف الظهور فانَّ الحجيّة حكم يجعله نفس الآمر بلحاظ مأموره بالخصوص لا شخص آخر ، لما تقدّم من انَّها عبارة عن حكم ظاهري يجعله صاحب الأغراض التشريعية وهو المولى في مقام علاج التزاحم الواقع فيما بينها فيرجح بعضها على بعض على أساس قوة الاحتمال أو على أساس الاحتمال أو على أساس أهمية المحتمل ومثل هذا لا يكون إِلاّ من قبل كل مولى بلحاظ مواليه لا غير.
وانَّما المقصود انَّ كلّ عاقل يرى انَّه لو كان جالساً مجلس ذلك المولى الأمر لجعل الظهور حجّة فيما بينه وبين مأموريه وهذه قضية شرطية يبنى عليها كلّ عاقل ولو ارتكازاً وهو معنى السيرة العقلائية.
هذا كلّه في كيفيّة تقرير نفس السيرة العقلائية.
وامَّا إثبات إمضائها من قبل الشارع ، فقد تقدّم انَّه يستكشف من عدم ردعه عنها على أساس أحد ملاكين امَّا لزوم نقض الغرض لو لم يكن موافقاً عليها ولم يردع أو انعقاد ظهور حالي في إمضائه وتقريره ، والأول منهما تام في المقام على ضوء ما تقدّم في تقرير