نقل بسببها اللفظ عن معناها اللغوي وتعين في المعنى الشرعي. وفي مثل ذلك أيضا لا جزم بإجراء أصالة عدم النقل لقصور السيرة بكلا مظهريه عن شموله ، إذ أصحاب الأئمة لا يجزم بعملهم بالظهور الأولي حتى في مثل هذه الحالة ، كما انَّ السيرة العقلائية قائمة بنكتة الاستبعاد وهي لا تكون مع توفر مقتضٍ للنقل بالنحو المذكور.
وامَّا إجراء استصحاب عدم النقل بحيث يمكن أَنْ يستند إليه في المورد الّذي لا تجري فيه أصالة عدم النقل العقلائية فغير سديد ، إذ لو أُريد استصحاب نفس العلقة الوضعيّة بين اللفظ والمعنى فهذا لا يثبت ظهور اللفظ الصادر في ذلك المعنى الّذي هو موضوع الحجية إِلاّ بالملازمة العقلية فيكون مثبتاً ، وإِنْ أُريد استصحاب ظهور ذلك الكلام بنحو القضية التعليقية وانَّه لو كان صادراً قبل ذلك لكان ظاهراً في نفس المعنى فهذا من الاستصحاب التعليقي في الموضوعات وهو غير جار كما هو محقق في محله.
الجهة السادسة ـ في حجية قول اللغوي في إثبات المعنى ، وكأن المشهور بين المتقدمين من علمائنا هو الحجية وقد نسب إلى السيد المرتضى دعوى الإجماع عليه وقد استدلّ بها على الحجية إِلاّ انَّ مشهور المتأخرين من علماء الأصول ذهبوا إلى عدم الحجية وتفصيل الكلام يقتضي البحث في مقامين :
المقام الأول ـ في حجية قول اللغوي في إثبات موارد الاستعمال.
المقام الثاني ـ في حجيته في تعيين المعنى الحقيقي والمجازي.
امَّا المقام الأول ـ فما ذكر في المنع عن حجية قول اللغوي هنا يمكن تحليله إلى عدة وجوه :
الأول ـ انَّه لا أثر ولا فائدة عملية في تعيين موارد استعمالات اللفظ عند العرب بعد أَنْ لم يثبت بذلك كونه معنى حقيقياً للفظ والحجية فرع ترتب أثر عملي على قوله.
والجواب ـ انَّ هناك ثمرات عديدة يمكن تصويرها في المقام لو كان قوله حجة.
منها ـ انَّ اللفظ إذا لم يكن يحتمل فيه تعدد المعنى وانَّما كان الشك في سعة معناه وحدوده كما في لفظ الصعيد مثلاً فإذا أخبر اللغوي باستعماله في مطلق وجه الأرض