الأنصاري ( قده ) فما ذكر فيها من انَّ موضوع أصالة الظهور هو الظهور التصديقي لا التصوّري صحيح على ما سوف يأتي تحقيقه من خلال التعليق على الفرضية الثانية ولكن ما ذكر فيها من توقفه على عدم واقع القرينة المنفصلة بحيث لا بدَّ من تنقيح عدمها في المرتبة السابقة بأصالة عدم القرينة غير تام ، وذلك لأنَّ أصالة عدم القرينة هذه امَّا أَن تكون أصلاً تعبّدياً بحتاً على حدّ الأصول العملية الشرعية وامَّا أَنْ تكون أصلاً عقلائيّاً على أساس نكتة الكاشفية والطريقيّة ، والأول باطل لوضوح انَّ العقلاء ليست لهم تعبدات عملية وانَّ أصولهم اللفظية كلّها بملاك الكاشفية والطريقية لا التعبّد العملي البحث. وامَّا الثاني فهو صحيح إِلاّ انَّه لا كاشف ولا طريق عن عدم القرينة إِلاّ نفس الظهور التصديقي المنعقد في الخطاب باعتبار استبعاد انَّ المتكلّم يتكلّم بكلام ظاهر في إرادته لمعنى ولا ينصب قرينة متصلة على مرامه ، بشهادة انَّه لو لم يكن كلامه ظاهراً في ذلك بل مجملاً لم يكن يستبعد مجيء الشارح والمبين ، فتمام نكتة استبعاد القرينة المنفصلة هو ظهور الكلام في المرام التصديقي نفسه وهذا معناه انَّ الرجوع إلى الظهور ابتداء فهو موضوع الحجية عند عدم وصول القرينة المنفصلة بلا حاجة إلى أصل طولي أسبق ، وبهذا التحليل يمكن إبطال هذه الفرضية لا بما جاء في مناقشة المحقق الأصفهاني ( قده ) من انَّ الظهور عند العقلاء مقتضٍ لعملهم به فلا يمكن أَنْ تكون القرينة بوجودها الواقعي مانعة عن العمل لأنَّ المانع لا بدَّ وأَنْ يكون في أُفق المقتضي وصقعه وما يمكن أَنْ يكون مانعاً لهم عن عملهم انَّما هو وصول القرينة لهم فعدمه وهو عدم العلم بالقرينة هو الّذي ينبغي أَنْ يكون الجزء الآخر من العلّة أو الموضوع.
فانَّ هذا البيان كأنَّه انسياق مع تصوّر انَّ المراد بالسيرة العقلائية نفس عملهم الخارجي بما هو تحرّك وفعل صادر من العقلاء لا ما يكشف عنه ذلك العمل الخارجي من مبنى ومعنى كلّي بنحو القضية الحقيقية المجعولة فانَّ العمل الخارجي لا محالة يكون المؤثر فيه والعلّة له هو وصول المانع لا وجوده الواقعي ، وامَّا المضمون المستكشف منه فقضية جعلية وقرار على حدّ سائر القضايا والجعول يكون الحكم فيها وهو الحجية تابعاً لموضوعه الواقعي المأخوذ مقدر الوجود. على أنَّ امتناع العقلاء عن عملهم بالظهور كما