الظاهري لا يعقل دفع محذور التضاد أو التصويب أو غير ذلك فيه إلا بافتراض انه حكم ناشئ عن ملاك التحفظ على الواقع والاهتمام به ، فيعلم من ذلك بان الحكم الواقعي المشتبه على تقدير وجوده في مورد الحكم الظاهري مما يهتم به المولى فيرتفع بالعلم بهذه القضية الشرطية موضوع القاعدة العقلية.
ويمكن أن يقرب بدلالة عرفية لا عقلية بدعوى بان هذا هو المستظهر من أدلة الأحكام الظاهرية اللفظية وهو النكتة العقلائية أيضا من وراء جعل الحجية العقلائية الممضاة شرعا في الأدلة اللبية.
وبما بيناه اتضح ان فذلكة دفع الشبهة انما هو بمقدار ما يبرزه الخطاب الظاهري من مرتبة الاهتمام المولوي بالملاكات الواقعية أيا كان لسان الإنشاء والجعل وصياغة الحكم الظاهري من جعل الطريقية أو المنجزية أو الحكم المماثل أو غير ذلك ، فان ذلك كله تفننات في الصياغة والتعبير ولا دخل لها في أصل المطلب.
ثم انه يظهر من بعض كلمات المحقق العراقي ( قده ) محاولة للجواب على هذه الشبهة بان الخطاب الظاهري في مورد الأمارة أو الأصل امره مردد بين أن يكون مطابقا للواقع فيكون خطابا واقعيا منجزا ، إذ لا نريد بالخطاب الواقعي المنجز عقلا إلا خطابا وراءه ملاكات ومبادئ حقيقية ، وبين أن يكون خطابا ظاهريا أجوف لا ملاك وراءه. وبما أن أصل الخطاب معلوم وجدنا فهذا يعني انه على أحد التقديرين وهو تقدير مطابقة الخطاب للواقع يكون البيان ثابتا في حقنا فيكون المقام شبهة مصداقية لقاعدة قبح العقاب بلا بيان فلا يصح التمسك بها.
والجواب ـ بعد الفراغ عن ان الخطاب الظاهري ليس بنفسه منجزا يكون المعلوم هو الخطاب المردد بين كونه واقعيا منجزا أو ظاهريا غير منجز والعلم بالجامع بين ما يتنجز ولا يتنجز ليس بمنجز ، وإن شئت قلت : ان ما هو موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان انما هو كونه واقعيا فمن دون العلم بذلك يقبح العقاب بلا بيان.
ومن مجموع ما أوضحناه اتضحت عدة أمور :
١ ـ ان صاحب الكفاية ( قده ) في بحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي قد اختار ان المجعول في باب الأحكام الظاهرية هو المنجزية والمعذرية ، وقد استشكل