لا يطرء على حي حتى يستكمل كمال الحياة ويخرج من القوة الى الفعل في كل ما له من الكمال فرجوعه إِلى الدنيا بعد موته رجوع الى القوة وهو بالفعل ، هذا محال إِلا أن يخبر به مخبر صادق وهو الله سبحانه أو خليفة من خلفائه كما أخبر به في قصص موسى وعيسى وإِبراهيم عليهم السلام وغيرهم . ولم يرد منه تعالى ولا منهم في أمر الرجعة شيء وما يتمسك به المثبتون غير تام ، ثم اخذ في تضعيف الروايات فلم يدع منها صحيحة ولا سقيمة ، هذا .
ولم يدر هذا المسكين أن دليله هذا لو تم دليلاً عقلياً أبطل صدره ذيله فما كان محالاً ذاتياً لم يقبل استثنائاً ولم ينقلب بإِخبار المخبر الصادق ممكناً ، وأن المخبر بوقوع المحال لا يكون صادقاً ولو فرض صدقه في إِخباره أوجب ذلك اضطراراً تأويل كلامه الى ما يكون ممكناً كما لو أخبر بأن الواحد ليس نصف الإثنين ، وأن كل صادق فهو بعينه كاذب .
وما ذكره من امتناع عود ما خرج من القوة الى الفعل الى القوة ثانياً حق لكن الصغرى ممنوعة فإِنه إِنما يلزم المحال المذكور في إِحياء الموتى ورجوعهم الى الدنيا بعد الخروج عنها إِذا كان ذلك بعد الموت الطبيعي الذي افترضوه ، وهو أن تفارق النفس البدن بعد خروجها من القوة الى الفعل خروجاً تاماً ثم مفارقتها البدن بطباعها . وأما الموت الاخترامي الذي يكون بقسر قاسر كقتل أو مرض فلا يستلزم الرجوع الى الدنيا بعده محذوراً ، فإِن من الجائز أن يستعد الانسان لكمال موجود في زمان بعد زمان حياته الدنيوية الأولى فيموت ثم يحيى لحيازة الكمال المعد له في الزمان الثاني ، أو يستعد لكمال مشروط بتخلل حياة ما في البرزخ فيعود الى الدنيا بعد استيفاء الشرط ، فيجوز على أحد الفرضين الرجعة الى الدنيا من غير محذور المحال وتمام الكلام موكول الى غير هذا المقام .
وأما ما ناقشه في كل واحد من الروايات
ففيه : أن الروايات متواترة معنى عن أئمة أهل البيت ، حتى عد القول بالرجعة عند المخالفين من مختصات الشيعة وأئمتهم من
لدن الصدر الأول ، والتواتر لا يبطل بقبول آحاد الروايات للخدشة والمناقشة ، على أن عدة من الآيات النازلة فيها ، والروايات الواردة فيها تامة الدلالة قابلة
الاعتماد ، وسيجيء التعرض لها في الموارد المناسبة لها كقوله تعالى : « وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا