والمعنى بحسب التقدير ـ كما مر ـ تطوعوا بالصوم المكتوب عليكم فان التطوع بالخير خير والصوم خير لكم ، فالتطوع به خير على خير .
وربما يقال : ان الجملة أعني قوله : وأن تصوموا خير لكم ، خطاب للمعذورين دون عموم المؤمنين المخاطبين بالفرض والكتابة فان ظاهرها رجحان فعل الصوم غير المانع من الترك فيناسب الاستحباب دون الوجوب ، ويحمل على رجحان الصوم واستحبابه على أصحاب الرخصة من المريض والمسافر فيستحب عليهم اختيار الصوم على الافطار والقضاء .
ويرد عليه : عدم الدليل عليه أولا ، واختلاف الجملتين أعني قوله : فمن كان منكم الخ ، وقوله : وأن تصوموا خير لكم ، بالغيبة والخطاب ثانياً ، وأن الجملة الاولى مسوقة لبيان الترخيص والتخيير ، بل ظاهر قوله : فعدة من أيام أُخر ، تعين الصوم في أيام أُخر كما مر ثالثاً ، وأن الجملة الاولى على تقدير ورودها لبيان الترخيص في حق المعذور لم يذكر الصوم والإفطار حتى يكون قوله : وأن تصوموا خير لكم بياناً لأحد طرفي التخيير بل إنما ذكرت صوم شهر رمضان وصوم عدة من أيام أُخر وحينئذ لا سبيل إلى استفادة ترجيح صوم شهر رمضان على صوم غيره من مجرد قوله : وأن تصوموا خير لكم ، من غير قرينة ظاهرة رابعاً ، وأن المقام ليس مقام بيان الحكم حتى ينافي ظهور الرجحان كون الحكم وجوبياً بل المقام ـ كما مر سابقاً ـ مقام ملاك التشريع وأن الحكم المشرع لا يخلو عن المصلحة والخير والحسن كما في قوله : « فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ » البقرة ـ ٥٤ ، وقوله تعالى : « فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ » الجمعة ـ ٩ ، وقوله تعالى « تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ » الصف ـ ١١ ، والآيات في ذلك كثيرة خامساً :
قوله تعالى : شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى ، شهر رمضان هو الشهر التاسع من الشهور القمرية العربية بين شعبان وشوال ولم يذكر اسم شيء من الشهور في القرآن الا شهر رمضان .