قال الراغب في مفرداته : والقرء في الحقيقة اسم للدخول في الحيض عن طهر ولما كان اسماً جامع للأمرين : الطهر والحيض المتعقب له أطلق على كل واحد ؛ لأن كل اسم موضوع لمعنيين معاً يطلق على كل واحد منهما إِذا انفرد ، كالمائدة للخوان والطعام ، ثم قد يسمى كل واحد منهما بانفراده به ، وليس القرء اسماً للطهر مجرداً ولا للحيض مجرداً ، بدليل ان الطاهر التي لم تر أثر الدم لا يقال لها : ذات قرء ، وكذا الحائض التي استمر بها الدم لا يقال لها : ذلك ، انتهى .
قوله تعالى : « وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » ، المراد به تحريم كتمان المطلقة الدم او الولد استعجالاً في خروج العدة أو إِضراراً بالزوج في رجوعه ونحو ذلك ، وفي تقييده بقوله : إِن كن يؤمن بالله واليوم الآخر مع عدم اشتراط اصل الحكم بالايمان نوع ترغيب وحث لمطاوعة الحكم والتثبت عليه لما في هذا التقييد من الاشارة إِلى ان هذا الحكم من لوازم الايمان بالله واليوم الآخر الذي عليه بناء الشريعة الاسلامية فلا استغناء في الاسلام عن هذا الحكم ، وهذا نظير قولنا : أحسن معاشرة الناس ان أردت خيراً ، وقولنا للمريض : عليك بالحمية إِن أردت الشفاء والبرء .
قوله تعالى : وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحاً ، البعولة جمع البعل وهو الذكر من الزوجين ما داما زوجين وقد استشعر منه معنى الاستعلاء والقوة والثبات في الشدائد لما ان الرجل كذلك بالنسبة الى المرأة ثم جعل اصلاً يشتق منه الالفاظ بهذا المعنى فقيل لراكب الدابة بعلها ، وللأرض المستعلية بعل ، وللصنم بعل ، وللنخل اذا عظم بعل ونحو ذلك .
والضمير في بعولتهن للمطلقات إِلا ان الحكم خاص بالرجعيات دون مطلق المطلقات الاعم منها ومن البائنات ، والمشار اليه بذلك التربص الذي هو بمعنى العدة ، والتقييد بقوله ان ارادوا اصلاحاً ، للدلالة على وجوب ان يكون الرجوع لغرض الاصلاح لا لغرض الاضرار المنهي عنه بعد بقوله : ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ، الآية .
ولفظ أحق اسم تفضيل حقه ان يتحقق معناه
دائماً مع مفضل عليه كأن يكون للزوج الاول حق في المطلقة ولسائر الخطاب حق ، والزوج الاول احق بها لسبق