والمشرب والمسكن والسفاد والراحة إِلا ما رضي به الانسان الذي امتلكها ولن يرضى إِلا بما لا ينافي أغراضه في تسخيرها وله فيه نفع في الحياة ، وربما أدى ذلك إِلى تهكمات عجيبة ومجازفات غريبة في نظر الحيوان المستخدم لو كان هو الناظر في امر نفسه : فمن مظلوم من غير أي جرم كان اجرمه ، ومستغيث وليس له اى مغيث يغيثه ، ومن ظالم من غير مانع يمنعه ، ومن سعيد من غير استحقاق كفحل الضراب يعيش في انعم عيش وألذه عنده ، ومن شقي من غير استحقاق كحمار الحمل وفرس الطاحونة .
وليس لها من حقوق الحياة إِلا ما رآه الإنسان المالك لها حقاً لنفسه فمن تعدى اليها لا يؤاخذ إِلا لانه تعدى إِلى مالكها في ملكه ، لا إِلى الحيوان في نفسه ، كل ذلك لان الانسان يرى وجودها تبعاً لوجود نفسه وحياتها فرعاً لحياته ومكانتها مكانة الطفيلي .
كذلك كانت حياة النساء عند الرجال في هذه الامم والقبائل حياة تبعية ، وكانت النساء مخلوقة عندهم « لأجل الرجال » بقول مطلق : كانت النساء تابعة الوجود والحيوة لهم من غير استقلال في حياة ، ولا في حق فكان آبائهن ما لم ينكحن ، وبعولتهن بعد النكاح أولياء لهن على الاطلاق .
كان للرجل ان يبيع المرأة ممن شاء وكان له ان يهبها لغيره ، وكان له ان يقرضها لمن استقرضها للفراش أو الاستيلاد أو الخدمة أو غير ذلك ، وكان له ان يسوسها حتى بالقتل ، وكان له ان يخلي عنها ، ماتت أو عاشت ، وكان له ان يقتلها ويرتزق بلحمها كالبهيمة وخاصة في المجاعة وفي المآدب ، وكان له ما للمرأة من المال والحق وخاصة من حيث إِيقاع المعاملات من بيع وشرى وأخذ ورد .
وكان على المرأة ان تطيع الرجل ، أباها أو
زوجها ، في ما يأمر به طوعاً أو كرهاً ، وكان عليها ان لا تستقل عنه في امر يرجع اليه أو اليها ، وكان عليها ان تلي
امور البيت والاولاد وجميع ما يحتاج اليه حياة الرجل فيه ، وكان عليها ان تتحمل من الاشغال أشقها كحمل الاثقال وعمل الطين وما يجري مجراهما ومن الحرف والصناعات أرديها وسفسافها ، وقد بلغ عجيب الامر إِلى حيث ان المرأة الحامل في بعض القبائل إِذا وضعت حملها قامت من فورها إِلى حوائج البيت ، ونام الرجل على فراشها أياماً يتمرض ويداوي نفسه ، هذه كليات ما له وعليها ، ولكل جيل من هذه الاجيال