جميعا ناقضوا انفسهم بحسب الحقيقة في ذلك ، فإن قوانينهم الموضوعة كانت تحكم عليهن بالاستقلال ولاتحكم لهن إلا بالتبع إذا وافق نفع الرجال ، فكانت المرأة عندهم تعاقب بجميع جرائمها بالاستقلال ، ولاتثاب لحسناتها ولاتراعى جانبها إلا بالتبع وتحت ولاية الرجل.
وهذا بعينه من الشواهد الدالة على ان جميع هذه القوانين ما كانت تراها جزء ضعيفا من المجتمع الانساني ذات شخصية تبعية ، بل كانت تقدر أنها كالجراثيم المضرة مفسدة لمزاج الاجتماع مضرة بصحتها غير ان للمجتمع حاجة ضرورية إليها من حيث بقاء النسل ، فيجب ان يعتني بشأنها ، وتذاق وبال أمرها إذا جنت أو أجرمت ، ويحتلب الرجال درها إذا احسنت أو نفعت ، ولا تترك على حيال إرادتها صونا من شرها كالعدو القوي الذي يغلب فيؤخذ اسيرا مسترقا يعيش طول حياته تحت القهر ، إن جاء بالسيئة يؤاخذ بها وإن جاء بالحسنة لم يشكر لها.
وهذا الذي سمعته : ان الاجتماع كان متقوما عندهم بالرجال هو الذي الزمهم ان يعتقدوا ان الاولاد بالحقيقة هم الذكور ، وأن بقاء النسل ببقائهم ، وهذا هو منشأ ظهور عمل التبني والالحاق بينهم ، فإن البيت الذي ليس لربه ولد ذكر كان محكوما بالخراب ، والنسل مكتوبا عليه الفناء والانقراض ، فاضطر هؤلاء إلى اتخاذ ابناء صونا عن الانقراض وموت الذكر ، فدعوا غير ابناءهم لاصلابهم أبنائا لانفسهم فكانوا ابنائا رسما يرثون ويورثون ويرتب عليهم آثار الابناء الصلبيين ، وكان الرجل منهم إذا زعم انه عاقر لا يولد منه ولد عمد إلى بعض اقاربه كأخيه وابن اخيه فأورده فراش اهله لتعلق منه فتلد ولدا يدعوه لنفسه ، ويقوم بقاء بيته.
وكان الامر في التزويج والتطليق في اليونان قريبا منهما في الروم ، وكان من الجائز عندهم تعدد الزوجات غير ان الزوجة إذا زادت على الواحدة كانت واحدة منهن زوجة رسمية والباقية غير رسمية.
( حال المرأة عند العرب ومحيط حياتهم)
محيط نزول القرآن
وقد كانت العرب قاطنين في شبه الجزيرة وهي منطقة حارة جدبة الارض