والمعظم من امتهم قبائل بدوية بعيدة عن الحضارة والمدنية ، يعيشون بشن الغارات ، وهم متصلون بإِيران من جانب وبالروم من جانب وببلاد الحبشه والسودان من آخر .
ولذلك كانت العمدة من رسومهم رسوم التوحش ، وربما وجد خلالها شيء من عادات الروم وإِيران ، ومن عادات الهند ومصر القديم أحياناً .
كانت العرب لا ترى للمرأة استقلالاً في الحياة ولا حرمة ولا شرافة إِلا حرمة البيت وشرافته ، وكانت لا تورث النساء ، وكانت تجوز تعدد الزوجات من غير تحديد بعدد معين كاليهود ، وكذا في الطلاق ، وكانت تئد البنات ، ابتدء بذلك بنو تميم لوقعة كانت لهم مع النعمان بن المنذر ، أسرت فيه عدة من بناتهم ، والقصة معروفة فأغضبهم ذلك فابتدروا به ، ثم سرت السجية في غيرهم ، وكانت العرب تتشأم إِذا ولدت للرجل منهم بنت يعدها عاراً لنفسه ، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ، لكن يسره الابن مهما كثر ولو بالدعاء والالحاق حتى انهم كانوا يتبنون الولد لزنا محصنة ارتكبوه ، وربما نازع رجال من صناديدهم وأولي الطول منهم في ولد ادعاه كل لنفسه .
وربما لاح في بعض البيوت استقلال لنسائهم وخاصة للبنات في امر الازدواج فكان يراعي فيه رضى المرأة وانتخابها ، فيشبه ذلك منهم دأب الاشراف بإِيران الجاري على تمايز لطبقات .
وكيف كان فمعاملتهم مع النساء كانت معاملة مركبة من معاملة اهل المدنية من الروم وإِيران كتحريم الاستقلال في الحقوق ، والشركة في الامور العامة الاجتماعية كالحكم والحرب وامر الازدواج إِلا استثنائاً ، ومن معاملة أهل التوحش والبربرية ، فلم يكن حرمانهن مستنداً إِلى تقديس رؤساء البيوت وعبادتهم ، بل من باب غلبة القوي واستخدامه للضعيف .
واما العبادة فكانوا يعبدون جميعاً (
رجالاً ونسائاً ) اصناماً يشبه امرها امر الاصنام عند الصابئين أصحاب الكواكب وارباب الانواع ، وتتميز أصنامهم بحسب تميز القبائل وأهوائها المختلفة ، فيعبدون الكواكب والملائكة ( وهم بنات الله
سبحانه بزعمهم ) ويتخذونها على صور صورتها لهم أوهامهم ، ومن اشياء مختلفة كالحجارة والخشب ، وقد بلغ هواهم في ذلك إِلى مثل ما نقل عن بني حنيفة انهم اتخذوا لهم