الرجال وولايتهم وقيمومتهم ، واجدة لما لم يسمح لها به الدنيا في جميع ادوارها وخلت عنه صحائف تاريخ وجودها ، قال تعالى : ( فلا جناح عليكم فيما فعلن في انفسهن بالمعروف الآية ) ، البقرة ـ ٢٣٤.
لكنها مع وجود العوامل المشتركة المذكورة في وجودها تختلف مع الرجال من جهة أخرى ، فإن المتوسطة من النساء تتأخر عن المتوسط من الرجال في الخصوصيات الكمالية من بنيتها كالدماغ والقلب والشرائين والاعصاب والقامة والوزن على ما شرحه فن وظائف الاعضاء ، واستوجب ذلك أن جسمها ألطف وأنعم كما أن جسم الرجل أخشن وأصلب ، وأن الاحساسات اللطيفة كالحب ورقة القلب والميل إلى الجمال والزينة أغلب عليها من الرجل كما أن التعقل أغلب عليه من المرأة ، فحياتها حياة إحساسية كما أن حياة الرجل حياة تعقلية.
ولذلك فرق الاسلام بينهما في الوظائف والتكاليف العامة الاجتماعية التي يرتبط قوامها بأحد الامرين أعني التعقل ، والاحساس فخص مثل الولاية والقضاء والقتال بالرجال لاحتياجها المبرم إلى التعقل والحياة التعقلية إنما هي للرجل دون المرأة ، وخص مثل حضانة الاولاد وتربيتها وتدبير المنزل بالمرأة ، وجعل نفقتها على الرجل ، وجبر ذلك له بالسهمين في الارث ( وهو في الحقيقة بمنزلة ان يقتسما الميراث نصفين ثم تعطى المرأة ثلث سهمها للرجل في مقابل نفقتها أي للانتفاع بنصف ما في يده فيرجع بالحقيقة إلى أن ثلثي المال في الدنيا للرجال ملكا وعينا وثلثيها للنساء انتفاعا فالتدبير الغالب إنما هو للرجال لغلبة تعقلهم ، والانتفاع والتمتع الغالب للنساء لغلبة إحساسهن. وسنزيده إيضاحا في الكلام على آيات الارث إنشاء الله تعالى ) ثم تمم ذلك بتسهيلات وتخفيفات في حق المرأة مرت الاشارة إليها.
فان قلت : ما ذكر من الارفاق البالغ للمرأة في الاسلام يوجب انعطالها في العمل فإن ارتفاع الحاجة الضرورية إلى لوازم الحياة بتخديرها ، وكفاية مؤونتها بإيجاب الانفاق على الرجل يوجب إهمالها وكسلها وتثاقلها عن تحمل مشاق الاعمال والاشغال فتنمو على ذلك نمائا رديا وتنبت نباتا سيئا غير صالح لتكامل الاجتماع ، وقد أيدت التجربة ذلك.