إلى بيت ، أو تقليده احداً ليس له اسبابه الظاهرة من الجمع والمال .
والايتاء والافاضة الالهية وإِن كانت كيف شاء ولمن شاء غير أنها مع ذلك لا تقع جزافاً خالية عن الحكم والمصالح ، فإِن المقصود من قولنا : إِنه تعالى يفعل ما يشاء ، ويؤتي الملك من يشاء ونظائر ذلك ليس أن الله سبحانه لا يراعي في فعله جانب المصلحة أو أنه يفعل فعلاً فإِن اتفق أن صادف المصلحة فقد صادف وإِن لم يصادف فقد صار جزافاً ولا محذور لان الملك له فله أن يفعل ما يشاء هذا ، فإِن هذا مما يبطله الظواهر الدينية والبراهين العقلية .
بل المقصود بذلك : ان الله سبحانه حيث ينتهي اليه كل خلق وأمر فالمصالح وجهات الخير مثل سائر الأشياء مخلوقة له تعالى ، وإِذا كان كذلك لم يكن الله سبحانه في فعله مقهوراً لمصلحة من المصالح محكوماً بحكمها ، كما أننا في أفعالنا كذلك ، فإِذا فعل سبحانه فعلاً أو خلق خلقاً ولا يفعل إِلا الجميل ، ولا يخلق إِلا الحسن كان فعله ذا مصلحة مرعياً فيه صلاح العباد غير أنه تعالى غير محكوم ولا مقهور للمصلحة .
ومن هنا صح اجتماع هذا التعليل مع ما تقدمه ، اعني اجتماع قوله تعالى : والله يؤتي ملكه من يشاء ، مع قوله تعالى : إِن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ، فإِن الحجة الاولى مشتملة على التعليل بالمصالح والاسباب ، والحجة الثانية على إِطلاق الملك الذي يفعل ما يشاء ، ولولا ان اطلاق الملك وكونه تعالى يفعل ما يشاء لا ينافي كون افعاله مقارنة للمصالح والحكم لم يصح الجمع بين الكلامين فضلاً عن تأييد أحدهما أو تتميمه بالآخر .
وقد اوضح هذا المعنى احسن الإيضاح تذئيل الآية بقوله تعالى : والله واسع عليم فإِن الواسع يدل على عدم ممنوعيته تعالى عن فعل وإِيتاء اصلاً والعليم يدل على ان فعله تعالى فعل يقع عن علم ثابت غير مخطيء فهو سبحانه يفعل كل ما يشاء ولا يفعل إِلا فعلاً ذا مصلحة .
والوسعة والسعة في الاصل حال في الجسم
به يقبل اشياء أُخر من حيث التمكن كسعة الاناء لما يصب فيه ، والصندوق لما يوضع فيه ، والدار لمن يحل فيها ثم استعير
للغنى ولكن لا كل غنى ومن كل جهة ، بل من جهة إِمكان البذل معه كأن المال يسع